دعونا نفتتح كتابة اليوم بالأثر القائل: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك”.
ويمكن أن نعرف الشماتة في اللغة: الفرح ببلية العدو.
واصطلاحاً هي: الفرح ببلية من تعاديه ويعاديك.
إن الوقائع ومشاهد الواقع تؤكد دائماً أن الإنسان الذي دائماً يتشمّت بالآخرين تدور الدوائر عليه، ثم يحل به محل بمن تشمّت بهم.
إن الشماتة باختصار هي: الفرحة بوقوع السوء على الآخرين، كما أن الشماتة لا تتحقق إلا إذا تتبع الإنسان عورة غيره، وفي هذا ورد حديث مباشر يحذر من تتبع العورات حيث جاءنا في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وبارك: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته)
.
وفكرة الشماتة فكرة كونية، وأنا أراجع في أحد الكتب التي تتحدث عن الصين وجدت هذا المثل الصيني الشهير يقول: كان هناك رجل يقول للأعرج أنت أعرج، فانكسرت رجلاه.
إن الاشتغال بعيوب الآخرين والتشمّت بهم يحرم الإنسان من فوائد كثيرة، وأول ما يحرم منه أنه ينسى تطوير نفسه لأنه مشغول بغيره، كما أن الذين يشمتون بالآخرين لا يحملون قلوباً نظيفة؛ بل هم يسعدون بجراح الآخرين ويرقصون على آلامهم.
في النهاية أقول:
إن الشماتة ومعايرة الآخرين ولمزهم بعيوبهم عدوى تخرج من صاحبها وتدور وتدور ثم تعود عليه بعد زمن، وكتب التراث تروي لنا هذه القصة: (قيل لابن سيرين حينما خسر ثروته: خسارتك عظيمة، فقال: هذا ذنب أنتظر عقوبته منذ أربعين سنة.
فسألوه: وما هذا الذنب؟
فقال: عيرت رجلاً وقلت له يا فقير).!!