الإنسان القنوع هو الذي يرضى بما قسم الله له، ولو كان قليلاً، ولا يتطلع إلى ما في أيدي الآخرين، ولو قنع الناس جميعاً لما بقي فقير ولا محروم، ولو رضي الإنسان بقسمة الله له لاستغنى عن الناس وكفّ عن ملاحقتهم وسؤالهم.
وفي مقالي هذا سأستعرض بعض فضائل القناعة على صاحبها في هذه اليوميات :
الأحد: العز يكون بالقناعة والرضا، ولهذا فالقناعة بالقليل والرضا باليسير، وقد ذكر الإمام القرطبي رحمه الله في كتابه: (قمع الحرص بالزهد والقناعة) أبياتاً من الشعر تنسب إلى علي بن أبي طالب يقول فيها:
عزيز النفس من لزم القناعة.. ولم يكشف لمخلوق قِنَاعه
أفادته القناعة كل عز.. وهل عز أعز من القناعة.!
الإثنين: في القناعة راحة بال، وهي سبب رئيس في البركة، ولذلك الطمع لن يؤدي إلى الشبع.!
ولذلك يقول الإمام ابن حبان رحمه الله: (لو لم يكن في القناعة خصلة تُحمد إلا الراحة، وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل، لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال، ومن عدم القناعة لم يزده المال غنى).
الثلاثاء: يرى القنوع نفسه دائماً راضياً لا يلهث وراء الأطماع الكثيرة، كما أنها تعلمه أن يكون قوياً وراضياً بما قسمه الله له من رزق ووظيفة وأبناء... إلى غير ذلك.
كما أن القناعة تجنبه في الوقوع في فخ الحسد والحاسد، وتجعله متصالحاً مع نفسه، ولذلك يقول الحسن البصري: (اثنان لا يجتمعان أبداً: القناعة والحسد).!
الأربعاء: إذا قنع الإنسان، قَنَّعَ الله غيره به، وفي ذلك يقول ابن حزم رحمه الله: (اقنع بمن عندك، يقنع بك من عندك).!
الخميس: من لم يقنع وطلب الكثير من زينة الدنيا، فإن لم يحصل عليها أصابه الهم والغم لذلك، وإن حصل عليها فربما ألهته عن ما ينفعه من أمور دينه ودنياه.
لذلك يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: (اعلم أن قليلاً يكفيك، خير من كثير يلهيك).!
الجمعة: إنَّ في الحرص على الدنيا وعدم القناعة عذاب حسي ومعنوي؛ إذ يقول أحد الشعراء:
إن القناعة نصف العيش فارضَ بها
لا تحرصِنَّ فإن الحرص تعذيب.
السبت: إن الإنسان القنوع شخص مغبوط، وفي ذلك يقول مالك بن دينار رحمه الله:
(إني لأغبط الرجل الذي يكون عيشه كفافاً ويقنع به!).
في النهاية أقول:
إن الحياة الطيبة الكريمة في القناعة، فهي تطهر القلب، وتريحه من الكثير من الأمراض، ومن مد اليد للناس!.
يقول الشافعي:
رأيت القناعة رأس الغنى * فصرت بأذيالها متمسك
فلا ذا يراني على بابه * ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيا بلا درهم * أمر على الناس شبه الملك