الذّكاء العاطفيّ مهارة من المهارات الاجتماعية، تساعد على التّخلّص من التّعامل الجافّ في العلاقات الإنسانيّة، هذه المهارة يمكن اكتسابها وتعلّمها، والشّخص الذّكي عاطفيّاً هو شخص يعرف نفسه جيّداً، نراه يميّز بين نقاط ضعفه وقوّته ويتحمّل مسؤولية علاقاته، دائماً يتقبّل الآخرين ونقدهم برحابةِ صدرٍ، ساعياً بذلك إلى تغيير نفسه نحو الأفضل.
كثيراً ما نجدُ علاقات الأصدقاء تتهاوى فجأةً من دونَ سابق إنذارٍ، ومن دون معرفةِ السّبب، ويبدأ الطّرف الأوّل بالتّحدّث يميناً وشمالاً بكلامٍ غير مرضٍ.
هنا تكمن أهمية الذّكاء العاطفيّ للشّخص، فبدلاً من تناقل الكلام واختلاق الأقاويل وجب وضع الأعذار للأصدقاء، ومعرفة السّبب الذي أدّى لهذا التّصرّف، فقد يكون هذا الصّديق قد تعرّض لأزمةٍ معيّنةٍ أو ظرفٍ طارئٍ أو مصيبةٍ كبيرةٍ أفقدتهُ السّيطرة على نفسه، وجعلت تصرّفه تصرّفاً جافّاً، ذلك أنّ الكثيرَ من الأشخاص لا يعرفون الفصلَ بينَ ظروفهم الخاصّة وعلاقاتهم الاجتماعيّة الإنسانيّة مع الآخرين، فيتقمّص الحالة التي يعيشها ولا يستطيع الخروج منها، فيبدو معطّل الفكرِ، يطلق أحكاماً خاطئة أو عباراتٍ معيّنة تؤدّي لخسارته بعض الأصدقاء أو حتى المقرّبين من دون شعوره بالذّنب أو الأسفِ، ما يبرهن على أنّ هذا الشّخص غير متوازن عاطفيّاًً، ولديه مشكلة في الفصل بين ظروفه الخاصّة وعلاقاته الاجتماعيّة.
لذا لابدّ للإنسان أن يدرّبَ نفسهُ على الاعتدال في إعطاء كلّ مشكلةٍ حجمها الطّبيعي، والعمل على التّحكّم بالعواطف وإصدارِ الأحكام الصّحيحة، وإطلاق عباراتٍ إيجابيّة طيّبة، مقتنعاً بقضاء الله، مؤمناً به، مصحوباً بالتقوى ليُرضي الله تعالى ورسوله، والعمل على إسعاد نفسه وإسعاد الآخرين، هنا سيختفي لديه لومُ الذّاتِ تدريجيّاً وعدم تحميلها فوق طاقتها.
فالذّكاء العاطفي يُعدّ بمثابة ميزانٍ داخليٍّ للشّخص، يجعله متوازناً داخليّاً وخارجيّاً على الرغم من الصّدمات التي يتعرّض لها في حياته ومجتمعه.