لقد خلقنا الله تعالى وجعل لكلّ إنسان في رأسه عقلاً يُشغلهُ بما يفيد ويُحسن الظّنّ بالآخرين، مبتعداً عن سوء التّفكير بالنّاس ودواخلهم، لأنّ البواطن لا يعلمها إلّا الله تعالى، وعدم الحكم على الجميع بميزانٍ واحد، فلكلّ إنسانٍ عمله الّذي يُحاسَب عليه، فإن عامل رجلٌ ما زوجته بطريقةٍ سيّئة، فهذا لا يعني أنّ جميع الرّجال سيّئون، وتبدأ النّساء بإطلاق أحكامٍ مُسبقة على جميع الرّجال، وبالتّالي تتقاعسن عن أخذ خطوة جريئة للزّواج.. وبالمقابل، امرأة خرجت عن العادات والتّقاليد والأعراف، وعاشت حياتها كما يحلو لها، فيبدأ الرّجال بدورهم بالعزوف عن بناء أسرة، مخافة أن تكون زوجته كتلك المرأة، أو لا تطيعه وتعينه على نوائب الحياة.
هذا المفهوم لدى كلّ من الطّرفين خاطئ، وينبغي الابتعاد عنه، ذلك أنّ شخصاً واحداً لا يمثّل كلّ المجتمع، فأصابع اليد ليست متشابهة، وكذلك النّاس غير متشابهين، لكلّ منهم طريقة تفكيره وتربيته الخاصّة، إنّما ينبغي لمن قرّر الارتباط والزّواج أن يقوم بالتّحرّي عن الطّرف الآخر، ويحصل على المعلومات الّتي تعينه وتساعده في الإقدام على هذه الخطوة، فالرّجل والمرأة كلٍّ منهما يكمّل الآخر، ولا يمكن الاستغناء عنه، بل لا بدّ من طرد هذه الأفكار السّلبيّة من عقولهم والرّقيّ بمستوى التّفكير.
كثيراً ما نشاهد في العمل أنّ شخصاً، نتيجة تجربةٍ معيّنة مع فتاة ما، يبدأ بتوجيه بعض العبارات السلبية لزميلاته، وكأنّهنّ مثلها، أو العكس، نساء يوجّهن تلميحاتٍ لزملائهنّ الرّجال، على اعتبار أنّ كلّ الرّجال متشابهون، ما يجعل الأمور تستاء ضمن العمل خاصّة، وفي الحياة عامّة، فإن استمرّ التّفكير على هذا النّحو ستنهار العلاقات بين النّاس، وسيتسلّل الخوف للقلوب، ما يجعلهم يعزفون عن الزّواج الّذي هو أساس المجتمع لتكوين أسرة ناجحة.
لذا ينبغي على كلّ إنسانٍ عاقل أن يطرد هذه الأفكار، وألّا يحكم على الجميع من خلال شخصٍ واحدٍ، أو موقفٍ معيّن من أحدهم، بل يجب أن نُحسن الظّنّ بالآخرين، فليس الجميع سواسية، لا بالتّفكير ولا بالتّصرّفات، وكلّ إنسانٍ مسؤولٌ عن عمله وسلوكه، فعلاقتك السّيّئة مع شخصٍ ما لا تعني كل علاقاتك ستكون كذلك، فلنحسن الظّنّ بالآخرين لتغدو الحياة جميلة وسعيدة.