الارتباط بين هيئة المرء وعمله، من المظاهر التي تستحق الالتفات، فمثلاً تجد أن المضيفات الجويات، وعارضات الأزياء رشيقات، وكذلك الجنود، وأهل الرياضة، فإن أجسامهم مرنة ونحيلة، بحيث يبدون سريعي الحركة، كثيري البركة!
وقبل أيام، وأنا أتناول كوباً من الشاي الأخضر اللذيذ، أخذت أتأمَّل أنواع الكروش في مجتمعنا، وهي تزداد يوماً بعد يوم، وهذا مِصدَاق للأثر النبوي الذي يشير إلى أنه: في آخر الزمان يأتي أناس تكثر فيهم السمنة!
حاولتُ أن أُصنِّف هذه الكروش، ولم أجد في التراث ما يسعفني لأعتمد عليه، لذا أعتبر نفسي من روّاد الجيوش في وصف الكروش!
خذ مثلاً: هناك كرشة «الحرام»، وهي كرشة تمتاز بالانتفاخ التدريجي، من الصدر حتى أسفل البطن، ليظهر صاحبها وكأنه يحتضن أسطوانة غاز، وهذه كرشة «الحرام» بوصفٍ عام، ولن أعطي مثالاً على ذلك، لتحسُّس الناس، ولكنها تُشبه كرشة «الكنغر الأسترالي»؛ نظراً لأن الحيوانات لا تتحسَّس من هذه الأوصاف!
وهناك كرشة «الربا»، وهي التي تبدو وكأنها: انتفاخ من السرَّة إلى أسفل البطن، بحيث يبدو الإنسان ممشوقاً، ولكن عند السرة يبدأ الانتفاخ، وكأنه كيس على وشك الانفجار، ومَن أراد مثالاً على ذلك، فليتأمَّل بعض موظفي البنوك، ممَّن أدركتهم هذه الكرشة!
وهناك أيضاً كرشة «حرامي الأراضي»، وهي كرشة تنتفخ من أعلى الصدر إلى أسفل البطن، وتتمدَّد إلى الجنبين؛ بسبب أن صاحبها كثيراً ما يُمتِّر الأراضي بقدميه في عز الظهيرة، حيث لا رقيب ولا حسيب، وهي تُشبه إلى حَدٍّ كبير كِرشة الصديق «عبدالله الطياري»، وهو بالتأكيد ليس من هذه الفئة، بل إنه رجل في منتهى الأمانة والصدق، وأضرب به مثلاً؛ لأنني «أمون عليه»، وأعتبره من أقرب الأصدقاء!
وهناك كرشة «التبلّد والسلتحة»، وهي كرشة تمتاز بأنها تنتفخ من الجهة اليسرى، ولا تنتفخ من الجهة اليمنى، بحيث يخرج من عزيمة إلى عزيمة، مُقسِّماً كرشته إلى مخابئ، وكأنها سيارة جيمس ذات «تنكين»، وأقرب مثال على هذا النوع من الكروش، كرشة المواطن -غير الغلبان- «أحمد العرفج» قَبْل الخَسَسَان!
ولا ننسى كرشة «الظرفاء، وأصحاب خفة الدم»، من أمثال «نبيل شعيل، ويونس شلبي –يرحمه الله-، وراشد الشمراني، وداود حسين، وشقيقي يحيى العرفج»، وهي كرشة تمتاز بأنها تتدلَّى أمام صاحبها، فتسحب الظهر، حتى يبدو ضامراً قليلاً، ومثل ذلك النوع من الكروش؛ يجب على البلدية أن تفرض عليه رسوماً؛ بسبب تَعدِّيه على المساحات، وهذا النوع من الكروش مُحبَّب، لذلك يقول أهل مكة فيه: (حبيبك مَن تُحب ولو كان دُب)!
في النهاية أقول: إن أصناف الكروش لا تقتصر على هؤلاء، بل لبعض طلبة العلم، ومن يسمون أهل الخير من الكروش، التي تحمل الكثير من البركة، بحيث تتمدد في كل الجهات، من الأمام والخلف، ومن الجنبين. وبحُكم البركة؛ تمتد الكرشة إلى الفخذين، لتصل إلى الساقين، حتى تبدو الساق الواحدة؛ وكأنها «سيخ شاورما» في بوفيه بعد صلاة المغرب؛ أي قبل أن يدرك هذا السيخ التقطيع والتجزئة!
يا قوم: إن البشوت في المجتمع أصبحت نعمة، بعد أن تكاثرت الكروش بكل أنواعها، وأصبح البشت بمثابة الداعم اللوجستي؛ لإفرازات محتويات التِّبسِي، ومشروبات البيبسي!!