مِثلَمَا يَحتَاجُ الجِسم إلَى عِنَايَةٍ واهتمَامٍ، فكَذَلِكَ العَقْل والرّوح والمَشَاعر؛ تَحتَاجُ إلَى عِنَايَةٍ، ورُبَّما حَاجتهَا أَكبَر مِن حَاجة الجِسم.
ومِن هَذا المَدْخَل، أَكتُب لَكُم اليَوم؛ عَن شَكلٍ مِن أَشكَال «الرِّيجيم النَّفسي»، التي أكَّد عَليهَا بَعض البَاحثين، مِن خِلَال التَّأكيد عَلَى تَرْكِ بَعض الأمُور.
كُلُّ شَيءٍ يَبدَأ مِن العَقْل، ففِي بِدَاية الأَمر، يَجب أَنْ نُقلِّل مِن الأَفكَار السَّلبيَّة، فقَد يُشَكِّل التَّخلُّصُ مِنهَا، واستبدَالُهَا بأفكَارٍ أُخرَى إيجَابيَّةٍ، تَحَدياً فِي بَعض الأَحيَان، وتَحديداً عَلَى صَعيد الحيَاةِ اليَوميَّة، مِمَّا يَنعَكس بشَكلٍ مُبَاشِر عَلَى مَشَاعِر الإنسَان، وعَوَاطفه.
ثَانياً: تَطهير المُحيط الخَاص بِك - قَدْر الإمكَان- مِن الأَشخَاص السَّلبيين، وهَذا لَا يَعني أَنْ تَتخَلَّى عَن الأَشخَاص، ولَكن قَلِّل مِن أَثرهم السَّلبي عَليك.
ثَالِثاً: قَلِّل مِن علَاقَاتك العَاطفيَّة.. فأَثرهَا كَبيرٌ عَلَى الحَالَة النَّفسيَّة والذِّهنيَّة، وإذَا كَانَت العَاطِفَة غَالِبَةً وقَويَّةً، فرُبَّما تَحتَاج أَنْ تُنَفِّس عَن شعُورك؛ بكِتَابة مَا تَشعُر بِهِ فِي دَفتر يَوميَّاتك، أَو البوح لشَخصٍ آخَر.
رَابِعاً والمُهم: التَّقليلُ مِن استخدَام بَرَامج التَّواصُل الاجتمَاعي، لأنَّها أَصبَحَت بِيئَةً بَاعِثَةً للسَّلبيَّة، ومَجَالاً وَاسِعاً للمُشَاحَنَات، وتَزايَدَت فِيهَا حَملَات الإيذَاء؛ مِن قِبَل أَشخَاصٍ أَو جَمَاعَاتٍ.
أَيضاً الابتعَاد عَن مُرَاقبة النَّاس، والحُكم عَليهم، فكَمَا تَقول العَرَب: "مَن رَاقَب النَّاس مَات هَمًّا".. وأَنتَ لَستَ وَصيًّا عَليهم، حَتَى تشغل نَفسك، وتُضيِّع وَقتك فِي إطلَاق الأَحكَام، التي لَن تَعود عَليكَ بالفَائِدَة، ولَا تَكُن مِن نَاقِلي الأَخبَار السّيِّئَة، فخَبَرٌ سَلبِي وَاحِدٌ؛ يَستَطيع أَنْ يُعكِّر صَفو يَومك.
مِن الجيِّد مُمَارَسة الرِّيَاضَة - بشَكلٍ يَومي- لمُدّة عَشر دَقَائِق، حَيثُ إنَّهَا يُمكن أَنْ تُؤثِّر بشَكلٍ إيجَابي فِي المَزَاج.
أَكثَر مِن ذَلِك.. إنَّه لَمِن الأَفضَل؛ أَنْ يُقيِّم الشَّخص نَفسه بنهَاية اليَوم، هَل كَان طُوَال اليَوم يُفكِّر بطَريقةٍ سَلبيَّةٍ، أَمْ إيجَابيَّةٍ، فهَذه الرِّقَابَة الذَّاتيَّة، تُثمر فِي مُسَاعدة الإنسَان؛ عَلَى تَتبُّع عَقله ومَشَاعره، ويُحسِّن مِن صحّته، وكَمَا يَقول «أدلر»: "تَذكَّر أَنَّ أَحَد الأسبَاب الأَساسيَّة؛ لامتِلَاكنَا مَشَاعِر، هو مُسَاعدتنَا عَلَى تَقييم خبرَاتنَا".
في النهاية أقول
يا قوم؛ الكَثير مِنَّا يَحرص عَلى اتِّبَاع حِميَةٍ لإنقَاص الوَزن، والظّهُور بشَكلٍ جَميلٍ أَمَام الآخَرين، ولَكن يَجهلون أَهميَّة "الدَّايت النَّفسِي"، وكَيف يَبدون أَمَام أَنفُسِهم.