مَن يُطالع كُتب التُّراث والمَوروث الشَّعبي، يَجد أنَّ هنَاك تَشبيهاتٌ سَاذجة لا تُقبل، ولكنَّها انْطَلَت عَلى النَّاس قروناً وقروناً.. ولَم يُفكِّر أحدُهم بنَقدها وشَجبها.. ويَبدو – والله أعلم – أنَّ الله قيّضني لأُعيد للجمَال معنَاه، وللحُسن مبنَاه..!
خُذ مَثلاً: تَشبيه المَرأة بالشَّمس أو القمر.. هو تَشبيهٌ سَاذج وتَوصيفٌ مَارج.. كَما أنَّه تَشبيه تَطفح بهِ قصَائد الشُّعراء، كَما تَطفح السيّارات بشَوارع الرّياض.. يَقول «عنترة العبسي» في وَصف حَبيبته:
أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِندَ غُروبِها
تَقولُ إِذا اسوَدّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيرُ أَلا اسفِري
فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِي السَّعدِ
هَذا مِن الفَصيح.. أمَّا مِن الشِّعر الشَّعبي فيَقول أحدُهم:
مَا أحد بنِصفِ الليل سلّم عَلى الشَّمس
إلَّا أنَا سَاعة لَمحتك بعيني
هَذان فَقط شَاهدان، أذكُرهمَا هُنَا للاستشهَاد.. ولَولا ضِيق المسَاحة لكَتَبتُ دِيوَاناً في تَشبيه المَرأة بالشَّمس والقمَر..!
إنَّ تَوصيف المَرأة ووَصفها بأنَّها كالشَّمس لا يَليق، فالشَّمس كَوكبٌ وهَّاج يعمي العَين، كمَا أنَّ الشَّمس تَغرب وتَذهب وتَختفي -خَاصَّة «في الليل«- وهَذا لا يَليق بامرَأة مُحترمَة.. أمَّا القمَر فهو يَسهر بالليل، وهذا أيضاً لا يَليق بفتَاة مُهذَّبة، كَما أنَّ القمَر خدّاع، خَدع نبيّنا إبراهيم -عليه السّلام- مِن قَبل.. إضافةً إلَى أنَّ النَّقص يَعتريه كُلّ شَهر.. وإذَا شبّهنا المَرأة بهِ فسنَعترف بأنَّها مِثله «سريعة الذّوبان» وتَعود كالعرجُون القَديم..!
إنَّ أكبَر تَشبيه ضَحك فيهِ الرِّجال عَلى النِّساء؛ هو تَشبيه المَرأة بالشَّمس والقمَر.. ولا أدري أهو «لُؤمٌ» مِن الرَّجُل، أم «سَذاجةٌ» مِن المَرأة..؟!
في النهاية أقول:
إنَّ الأسَاطير تَقول: إنَّ القَمَر خَطَبَ الشَّمس، وأرَاد الزَّواج مِنها، فقَالت الشّمس: لا! وحِين سَألوها عَن «سَبَب الرّفض»، قَالت: لأنَّ القَمَر يَسهر بالليل، ولا يَأتي إلَّا في وَجه الفَجر، هَذا مَا كَان مِن أمر الشَّمس والقَمَر.. فمَاذَا عَن المرأة التي تُشبه الشَّمس والقَمَر..؟!!!
|