الأمراض لها عِلَاجَات مُتعدِّدة، فهناك العلاج بالدواء، والعلاج بالقراءة، والعلاج بالكتابة، والعلاج بالسفر، والعلاج بالفضفضة، والعلاج بالمشي، وكل هذه الأنواع معروفة ومفهومة، ولكن هناك علاج لا يعرفه كثير من الناس، رغم أنهم يُمارسونه، وأعني به العلاج بالتسوُّق..!
لقد انتشر هذا النوع من العلاج، وشاع في أنحاء أوروبا قبل غيرها، ونظراً لأنه أصبح متداولاً ومشهوراً؛ فقد أدرجته الجامعات في قاموس «أوكسفورد» للغة الإنجليزية، فأُطلق عليه مصطلح «العلاج بالتسوُّق»، أو «Retail Therapy»، وقد أكَّدت الدراسات التي أجرتها عالمة النفس «جينيفر ليرنر».
أن الحزن يزيد من استهلاك السلع، ويزيد من استهلاك الطعام على حدِّ سواء، وفي دراسةٍ أخرى نُشِرَت عام 2008، أوضحت السيِّدة نفسها، أن الشعور بالاكتئاب والحزن؛ يجعل أكثر الأشخاص على استعداد لدفع أسعار أعلى على السلع، وقد أطلقت «ليرنر» على هذه الحالة اسم: «تأثير البؤس الذي يمنع البخل»..!
دعوني أُصارحكم أنَّني كنتُ في يومٍ مِن الأيام، مُصاباً بالعلاج بالتسوُّق، فما زلتُ أتذكَّر أنني في حدود عام 2009، كنتُ أسكن مع صديقي «أبو صقر» في مدينة درم البريطانية، التي تقع بجوار نادي نيوكاسل الإنجليزي، وكنتُ أمرُّ بظروف دراسيَّة صعبة، ويُحاصرني الحزن والقلق من الجهات الأربع، ولم أجد حلاً إلا «اللفلفة» في الأسواق والمولات، مع صديقي «أبو صقر»، وشراء ما تيسَّر من «أبوجنيه» و«أبوجنيهين»، من أجل طرد الحزن، ومكافحة خلايا القلق..!
في النهاية أقول: إن إنفاق المال من أجل التسلِّي؛ ظاهرة عربية قديمة، وقد قال الشاعر العربي القديم:
إنَّ الدراهم في المَوَاطِن كُلّها
تكسو الرجال مَهابةً وجمالاً
فهي اللِّسان لمَن أَرَاد فَصَاحةً
وهي السلاح لمَن أَرَاد قِتَالاً!!