اشتقت إليك. اكتشفت أن الزمن الذي يمضي، هو الذي يقربني إليك. كذبوا من قالوا إن الزمن يلغي الذاكرة. وأن الأشواق يطفئها تعاقب الأيام. لا الأشواق انطفأت ولا الذاكرة هدأت. ولا النفس اقتنعت بقصة الرحيل والابتعاد.
كل يوم يأتي يحضر شئياً من عبقك إلى عالمي. وكل حدث يمر يحضر معه مقارناته مع لحظاتي معك. جربت كل الأشياء ما فادت. قالوا لي إن السفر يأخذك إلى أماكن جديدة وأجواء مختلفة، وهذه هي الوصفة المجربة للفصل عن ماض تريد الخلاص منه. فسافرت ويبدو أن طريقي ضل مساره، فرحلت إلى عالم هو أنت في كل أماكنه، وهي قصصك في كل زواياه. اكتشفت أن التنقل هو حراك جسدي وأن الروح تهاجر إلى حيث ترتاح. حاولت أن أجرب كل الوصفات، فكنت كمن يحاول إنقاذ نفسه من الغرق فيغطس في الأعماق. ما أغبى أن نستمع لنصائح الأصدقاء. فهي اجتهادات تجعلنا كحقل تجارب الفئران. ولكن ما حيلة الإنسان في لحظة الاحتياج؟ فهو سوف يسعى في كل طريق حتى يكتشف الخلاص.
هكذا سمحت لنفسي أن أعيش في تجربة جديدة لعلها تأخذني بعيداً إلى عالم جديد. ألم يقولوا إن التجارب الجديدة تنسيك المرارات القديمة؟ كذبوا. لم يحصل. بل هي كشفت لي الفرق بين الضوء والضلال، بين الأصل والتقليد، بين الحقيقة والزيف. فما عادت كل هذه النصائح تعنيني. عودتي ليست هزيمة، بل هي العودة للذات. هي الانتصار للإنسان. المكابرة لغة الضعفاء. وأنا رغم كل المسارات وربما الأخطاء. أعود إليك لنكمل المشوار. ذلك الجزء كان مجرد اختبار. كانت مرحلة لقطع الشك باليقين ولحسم المسار. أعود إليك للاعتراف أن ذلك الجزء من الزمن كان بين قوسين، جملة عارضة ليس لها مكان. خطأ مطبعي في كتاب حياتي محوته بهذا الاعتراف.
اليوم الثامن:
من الضروري أحياناً أن نمشي في الخط المعاكس
فقط لنتأكد أننا نسير في الطريق الصحيح