مَن يقترب مِن الناس؛ ويتواصَل مع منصّات التواصل الاجتماعي، يُدرك أنَّ شرائح كبيرة من البشر، لديها شهوة في النقد، ورغبة في طرح الاقتراحات، بغضِّ النَّظَر عن مدى وجاهة وصدق وحقيقة هذه الاقتراحات..!
وحتى يكتمل المقال، دعونا نضرب المثال:
يكتب لي أشخاصٌ كُثر في وسائل التواصل، ويقترحون جَمْع مقالاتي في كِتَاب، وهذا الاقتراح أسمعه أيضاً مِن بعض الناس؛ الذين أُقابلهم في الأماكن العامة، ومِن الواضِح، أن هذا الاقتراح نابِع عن شهوة الحديث، لا أَقَلّ ولا أَكثَر؛ لأن المكتبة العربية تضم أربعة كُتب لي، كُلّها تضم مقالات تم جَمْعها..!
إنني أُحب الاقتراحات، وأُرحِّب بالنقد وأسعى إليه، وأعمل له ريتويتاً في تويتر، ولكن بشروطٍ مهمة، وهي:
أولاً: أن يكون الاقتراح بعد اطّلاع ومعرفة بالموضوع؛ الذي يتناوله صاحب الاقتراح، حتى تكون الفكرة جديدة وطازجة ومثمرة..!
ثانياً: أن يكون الاقتراح إيجابياً وبنَّاءً، وليس فقط من أجل تسجيل هدف، أو إثبات حضور، أو تفاعل مَبْنِي على حماسٍ وعاطفة، وليس عن بحثٍ ودراسة..!
ثالثاً: أن يتحمَّل تكاليف ونتائج اقتراحاته.. وأتذكَّر أن أحد المدراء -الذين عملتُ معهم- كان حازماً إزاء الاقتراحات، لذلك كان كُلَّما طرح أحد الموظفين اقتراحاً، كلّفه مباشرةً بتنفيذ فِكرته، وقد انخفضت بسبب ذلك المدير؛ نسبة الاقتراحات المجانية من 80 إلى 20%..!
في النهاية أقول: إن الرجل يُعرَف مِن طريقة سؤاله، دعونا نعتبر أنَّ العَاقِل يُعرَف؛ مِن دقّة وذكاء وجدية اقتراحاته، ومدى قابليتها للتنفيذ، لذا أُراجع نفسي دائماً قبل الإدلاء بأي اقتراح، لدرجة أنني لم أَعُد أُنتج أكثَر مِن اقتراحيْن في السنة..!!