د. مايا الهواري
د. مايا الهواري

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خيركم من يُرجى خيره ويؤمن شرّه، فأحسن النّاس من تستطيع أن تُقبل عليه وتطلب منه الخير والعون، فالنّاس نوعان: الأخيار والأشرار، النّوع الأوّل يسعى لفعل كلّ خير، ليكسب به رضا الله، متمتّعاً بالطّيبة في قلبٍ خالٍ من الحقد، متحلّياً بالحكمة والموعظة الحسنة، لا يفرّق بين البشر في التّعامل، على عكس الأشرار، الّذين يتّصفون بالغباوة والسّذاجة الّتي تجعل منهم إناساً يفتقرون للفهم، ولا يدركون ما يدور حولهم.

إنّ التّعامل مع الشّخص الطّيّب يُعدّ تعاملاً جميلاً، فهو رمز لصفاء القلب والمشاعر الرّقيقة والنّيّة الصّادقة، ما يجعل الأشخاص يلجؤون إليه طلباً للمساعدة حال احتاجوا إليها، لأنّهم يجدون منه الاحترام والأخلاق الحسنة، فهو شخص كريم مُنقذ لمن يحتاجه، فإذا وُضع الإحسان في شخص كريم أثمر خيراً، في حين إن وُضع في اللّئيم كان شرّاً، ومع تطوّر الحياة تغيّرت بعض المبادئ، وأصبح النّفاق يسود حياة البعض، وبالتّالي احتلّ المرتبة الأولى في تصرّفاتهم، ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر في التّعامل مع هؤلاء، خشية الوقوع في فخّهم أو تجنّب استغلالهم، وبالتّالي نجد أنّ الخوف يسيطر على البعض نتيجة التّعامل مع الأشرار، إذ لا يأمنون مكرهم.

يستحيل أن يجتمع الخير والشّرّ في شخص واحد، إذ لا بدّ لأحدهما أن يطغى على الآخر، فالشّخص الطّيّب الخيّر صاحب الخُلق الجميل تتوطّد العلاقات بينه وبين الآخرين، ما يؤدّي لاحترام القلوب وتقرُّب النّاس منه، ونراهم يأمنون شرّه ويكلّمونه بأيّ أمرٍ يريدونه، لأنّهم يعلمون يقيناً أنّ كلّ ما بداخله خير، أمّا الشّخص الشّرّير فيهابون التّعامل معه خشية شرّه، إذ يستحيل أن يجتمع الخير والشّرّ معاً في الشّخص ذاته، فالنّفس البشريّة لوّامة ومختلطة بين الخير والشّرّ، ولكنّ إحدى هاتين الصّفتين تطغى على الأخرى، ولا يمنع إن أخطأ الإنسان بحقّ أحدهم أن يستسمحه ويقدّم الاعتذار عند الضّرورة، والنّبيّ الكريم يحثّنا على صحبة الأخيار، وأن يكونوا هم الجلساء والأصحاب، مع الابتعاد عن الأشرار وصحبتهم، فهم كالرّيح إذا مرّت بالطّيّب حملت طيّباً جميلاً خيّراً.