| يقولون إنَّ الحبَّ قاتل كالموت. والمسألة فيها نظر، فقد كتبت ستة كتب كلها عن الحبِّ ولا أذكر إن كنت قد تعرَّضت لحكاية الموت حباً أم لا.. ولكن العبقري شكسبير أكَّد في نهاية مسرحيَّة «روميو وجوليت» أنَّ من الحبِّ ما قتل.. فقد انتحر «روميو» بالسم، وعندما حضرت «جوليت» ووجدته ميتاً لاحظت بقايا السم على شفتيه فقبلته قبلة الموت.. أي ماتت وارتمت بجواره.
وقد يتصادف أن يموت المحبُّ بعد موت محبوبه.. وقد يقتل المحبُّ محبوبه من فرط الغيرة مثلاً.. ولم يقل لنا الذين أطلقوا شعار «إنَّ من الحبِّ ما قتل» ما هو المقصود بهذا الشعار.. والأقرب إلى المعنى أنَّ الحبَّ قد يقتل المحبَّ.. ومنذ شهور نشرت الصحف أنَّ سيدة سعوديَّة ماتت بعد وفاة زوجها بخمسة أيام دون أن تشكو من أي عارض صحي سوى حالة الحزن التي سيطرت عليها بعد وفاة زوجها. ولم تكن الواقعة واقعة حبٍّ مشتعل فقد توفي الزوج في الخامسة والسبعين من عمره بعد أن قضى فترة في غرفة الإنعاش بمرض في القلب. ويقول أقارب الزوجين إنَّ الزوجة لم تفارق زوجها لحظة واحدة. وعندما مات قضت الأيام الخمسة في البكاء والنحيب على فقد الزوج الحبيب. وأخذت تعدد مآثره، وعطفه، وكرمه. وكانت تؤكد أثناء حزنها وبكائها أنَّها ستلحق به وهذا ما حدث.
لقد كانت «الأحساء» هي مسرح هذه القصَّة الدراميَّة. ويقول العارفون إنَّ هذه ليست الواقعة الأولى في «الأحساء»، فقد تكرَّرت نفس الواقعة قبل ذلك أكثر من مرَّة. ولابد أن يتساءل من يسمع هل في «الأحساء» عشاق أوفياء أكثر من باقي مدن ومناطق المملكة؟ وهل هذا يعني أنَّ هناك جغرافيا للحبِّ، كما أنَّ له تاريخاً. ربما يكون التفسير الوحيد الممكن أنَّ الصحراء عموماً تنجب المحبين أكثر من غيرها. فقد أنجبت الصحراء «قيس وليلى»، و«كثيِّر وعزة»، و«قيس ولبنى» وغيرهم.. ربما لأنَّ العثور على الحبيبة في الصحراء صعب، وكذلك في المجتمعات المغلقة التي يصعب التعارف فيها وربما لأسباب أخرى.
على كل حال. الحبُّ أسطورة تغذيها أساطير. وقد نشر ثلاثون تعريفاً للحبِّ في مقدمة كتاب «صداع كوني اسمه الحب»
أشياء أخرى:
«أجمل النساء امرأة سهرت، وتعبت، وربت، وأعطت دون مقابل.. إنَّها الأم».