لن أقلق لأنني أعرف أنك ستعود. الأشياء الأصيلة هي التي تستمر، بينما الفلاشات السريعة سرعان ما تختفي. مواسم الصيف مؤقتة وهجرتها زائفة. ومواعيدها متغيرة. هو دائما الصيف بكل تنوعه وجنونه ورحيله ومفاجآته. هو الموعد الذي يجمع الكثيرين، لكنه يكشف معادن الناس أكثر. هو ذلك الزائر السنوي الذي يأخذنا إليه أو نحن الذين نختطفه الى عالم تناقضاتنا والقصص التي لاتروى.
يسافرون، يعتقدون أنهم يكتشفون الآخر.هم واهمون لأنهم يحتاجون أن يكتشفوا أنفسهم. لأنهم يجهلون الغاية، وتستهويهم الوسيلة. بعضهم يعيشون السفر بأجسادهم، بينما عقولهم لا ترحل. وآخرون يبحثون عن وطن يحتضن مشاعرهم ويحسسهم بوجودهم. وأنت حينما تسافر أثق أن البلدان لن تعني لك شيئاً، فالوجوه ستذبل والملامح ستغيب، لأن ما تبحث عنه هو الروح. مواعيد السفر وهمية كالعلاقات العابرة. ربما تبدأ بأصوات عالية، لكنها سرعان ما تخفت ليغرد صوت الضمير.
المدن هي أجساد مختلفة، البشر هم الروح. فالسفر الى المدن هو اكتشاف جديد، لكنه مرتبط بنهاية محددة. كل شيء تعرف نهايته يفقد معناه ما عدا الحياة، فنحن نعرف نهايتنا،إلا أنها تجذبنا بأحداثها.
أدرك أن كل الموانئ بالنسبة إليك محطات هامشية، ومهما تباعدت بيننا المسافات فالمشاعر بوصلتها لا تضيع. قد تأخذك موجة وقد تلهيك موجات، لكنك تعرف أي البحار أنت فيها. وأي المحيطات تقودك إلى عالمك الحقيقي.
الانتظار لك في قاموسي هو سفر، لخيالات اللقاء والكلمات الأولى وقلق الترقب والخوف. ستغادر ولكن تأكد أن مكانك هنا بكل ما فيه من موسيقى وألوان وإحساس ينتظرك، لأنك تدرك أنه ليس فقط المكان الأول بل الأوحد لك
اليوم الثامن:
الصيف بالنسبة لك رحيل
... بالنسبة لي انتظار