قبل أيام كتبت ناصية أقول فيها:
إذا زادت مهاراتك وهواياتك..
زاد احتياج الناس إليك، وقل احتياجك لهم..
أما إذا قلّت مهاراتك وهواياتك زادت حاجتك للبشر وزاد زهدهم منك..!
أعتقد أن هذه الناصية تحتاج منا إلى تأمل طويل، لأنني أشاهد أنها صالحة لكل زمان ومكان، وهي تسير على النحو الآتي:
صاحب المهارات يحتاج الناس إليه وهو الذي نقول عنه في الأمثال وكتب التراث: "صنعة في اليد، أمان من الفقر"، أو كما يقول أهلنا الإنجليز: handyman is goldyman
خذ مثلاً؛ من يملك مهارة إصلاح الجوال، تجد الناس حوله وتترجاه بأن يصلح ما بأيديهم من جوالات، كذلك خذ مثلاً؛ الكهربائي والسباك، وإن نسيت فلن أنسى الطلبات على العمالة المنزلية التي تجيد مهارة تدبير المنزل، إن الناس تتهافت عليها وتبحث عنها، والسبب أنها تمتلك مهارات لا تتوافر عند كل أحد، هذا فيما يخص المهارات، أما فيما يخص الهوايات فأنا أجد من لديه خمس هوايات أكثر سعادة وأكثر استغناء عن الناس، من ذلك الشخص الذي لا هواية له أو لديه هواية واحدة، لذلك إذا كثرت هوايات الإنسان أصبح يومه موزعاً على هواياته، ولهذا تقل حاجته إلى الناس.
أما في الطرف المقابل، فإنك تجد الإنسان الذي لا يملك أية مهارة كأنه عالة على نفسه وعلى الآخرين، وإذا حل في مجلس فأكثر الناس تتهرب منه، وهذا الصنف يعرف في كتب التراث العربي بوصفين هما "الحمقى والثقلاء"، أولئك اللذين لا مهارات لديهم ليستفاد منهم، ولا هوايات لهم من الممكن أن يستعمروا فيها أوقاتهم، وهؤلاء هم اللذين قصدهم عمرو بن الخطاب حين قال: إني لأرى الرجل، فيُعجبني، فأسأل هل له مهنة فإن قيل: لا
سقطَ من عيني!
في النهاية أقول:
يا قوم؛ الله الله بمهاراتكم، اذهبوا إليها وطوروها ثم توجهوا إلى هواياتكم وحسنوها، حتى يحتاج إليكم الناس وأنتم تصبحون في غنى عنهم.