العلاقات عبارة عن اتّصال الأشخاص مع بعضهم البعض، تربطهم مصالح مشتركة، وهي كأيّ نظامٍ حيويّ يتغيّر باستمرار، له بداية ونهاية وعمر زمني محدّد كعمر الإنسان، فالإنسان يتطوّر وفق مراحل حياته، من جنينٍ لطفلٍ صغيرٍ لشابٍ، ومن وثمّ لرجلٍ، وبعد ذلك نراه شيخاً هَرِماً لينتهي به المطاف في القبر، وتكون دورة حياته قد انتهت، بدأت بتاريخٍ محدّد وانتهت بآخر كذلك، وبالمقابل نجد أنّ حياة العلاقات مشابهة تماماً لحياة الإنسان، إذ تبدأ صغيرة وتكبر ثم تكبر حتى تنضج، ومن ثمّ تتدهور وينتهي بها المطاف بمتابعة كلّ طرف من أطرافها حياته مع بناء علاقات جديدة، وهكذا تستمرّ دورة العلاقات.
لكلّ شخصٍ في هذه الحياة مجموعة من الأصدقاء يشاركونه تفاصيل حياته بدقّها وجلّها لفترة زمنيّةٍ محدّدة، ثمّ تأتي اللّحظة المكتوبة الّتي يغادره فيها هؤلاء إمّا بشكلٍ مفاجئ لظرفٍ طارئ وإما لموقفٍ حصل معهم أدّى للابتعاد والانفصال بسبب موتٍ أو غيره.
إنّ العلاقات عموماً سواء كانت بين الأصدقاء أو الأزواج أو المعارف لها آجالٌ محدّدة ، بداية ونهاية، فكما أنّ لعمرِ الإنسان أجلٌ محدّد كذلك العلاقات لها موعد وتاريخ، تنتهي بانتهائه، لا تتأخر عن موعدها، ولهذا الموعد سرّ مكتوب لا يعلمه إلّا علّام الغيوب، يتمثّل بإرسال الله تعالى للإنسان شخصاً ما وتستمرّ علاقتهما لسنواتٍ أو أشهرٍ أو أيّامٍ، حاملاً معه رسالة معيّنة، يقوم بأدائها تجاه هذا الشّخص أو أشخاص محدّدين، فيضيف لحياتهم شيئاً ما، وبالمقابل يضيفون لحياته عنصراً جديداً، يتبادلون الأدوار وفق ترتيبٍ إلهيٍّ مُحكمٍ، لتنتهي العلاقة بعد ذلك وتأتي غيرها، وهكذا تستمرّ الحياة.
بعض العلاقات قد تضيف لحياتنا أشياء إيجابيّة وأخرى سلبيّة، فالإيجابيّة أكسبت الإنسان خبرات معيّنة، وأضافت لحصيلته عنصراً جديداً، وهذا لا يعني أنّ السّلبيّة غير مفيدة أو ذات جدوى، سواء كانت من قِبل الأصدقاء أو الأهل أو الزّوج فهي فعليّاً تضيف لرصيد الإنسان تجاربَ عدّة ومغزى معيّن، فالابتلاءات بمثابة دروسٍ تُكسِب صاحبها مهارات متنوّعة وفوائد إمّا دنيويّة وإما أخرويّة، فما يمرّ به الفرد جيّداً كان أم سيّئاً سيضيف لجعبته مقداراً محدّداً من المكاسب، وبانتهاء هذه العلاقة تنتهي الإضافة أو بالعكس، بانتهاء الإضافة تنتهي العلاقة لتأتي علاقة غيرها. وهكذا تستمرّ قصّة العلاقات وتبادل الخدمات بين النّاس، وامتلاك المهارات على مرّ العصور ما دامت البشريّة مستمرّة على وجه الأرض، فلكلّ شيءٍ فترةُ صلاحيّة ولا عجبَ في ذلك.