تتعدد مفاهيم الرجولة والنضج العقلي، وقد تم تشويه هذين المعنيين لدرجة أنهما ارتبطا بالعنترية والاستعراض والهياط، لذلك حاولت أن أتعمق في الموضوع وأبحث في كتب الفلاسفة والعقلاء والمفكرين والحكماء، لأستخرج منها المفهوم الحقيقي الصادق للرجولة، وبعد البحث وجدت أن الرجولة والنضج العقلي لهما علامات ودلائل على النحو الآتي:
أولاً: الاستقلالية؛ فالرجل صاحب النضج العقلي يحكم عقله، لأنه يعرف كيف يفكر وكيف يتصرف، وقد ورد في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: "لا تكن أحدكم إِمَّعَة".
ثانياً: الرجل؛ هو من يشعر بالمسؤولية ويدرك المعنى الحقيقي لحديث: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ".
ثالثاً: الرجل الواعي صاحب النضج العقلي؛ من يعرف كيف يستغل وقته ويستثمره لما فيه الخير والصلاح له في الدنيا والآخرة.
رابعاً: الرجل الواعي والناضج عقلياً؛ من يوجه طاقاته الذهنية وقدراته إلى مجالات الخير والتنمية والعطاء، ولا يبددها في الحقد والحسد والغيبة والنميمة والتقليل من نجاح الآخرين.
خامساً: الرجل العاقل والناضج؛ يتدرب على التفكير الإبداعي، ذلك التفكير الذي يعينه ويساعده على حل مشاكله في المصاعب التي تواجهه، فهو يعلم جيداً أن الحلول الإبداعية تستلزم مواجهتها من خلال التفكير خارج الصندوق.
سادساَ: الرجل الناضج العاقل الواعي؛ يتحمل مسؤولية أخطائه ولا يتهرب منها، بحيث يرميها على الظروف والناس والوضع الحالي أو الأجواء أو العادات والتقاليد.
سابعاً: الرجل الواعي؛ يحرم ذاته، لذلك هو لا يفعل الأفعال التي تقلل من قيمته أمام الناس، ولا يكذب ولا يخون، بل هو مخلص في عمله، صادق في قوله، سامٍ في أفعاله.
ثامناً: الرجل العاقل والواعي؛ يتقبل النقد بكل سرور وينظر إليه بعين الفحص، فإذا كان النقد مفيداً استثمره لصالحه، وإذا كان مغرضاً وحاقداً عرف أن هذا النقد نتيجة طبيعية يواجها كل ناجح.
تاسعاً: الرجل العاقل؛ يستشير الآخرين ويستثمر عقولهم ويشاورهم في الأمر، ولا يعدّ ذلك منقصة من قدراته العقلية، بل يرى الاستشارة ميزة يتميز بها عن غيره، وقد قالت العرب: "ما خاب من استشار".
في النهاية أقول:
يا قوم؛ هذه بعض علامات وإشارات ودلالات الرجولة والنجاح العقلي، وفي مقالي المقبل، سنستكمل باقي صفات وعلامات الرجولة.
