الثّقةُ بالنّفـــــــــــــــــــس

الدكتورة مايا الهواري

 

الثقة بالنّفسِ مطلبٌ يمكّن الأفرادَ من الوصولِ إلى كثيرٍ من الأمور في حياتهم، وتعني القدرةَ على تجاوز الصّعابِ، فإذا فقد الإنسان ثقته بنفسه، فإنه لن يكون قادراً على تحقيق أحلامه وإنجازاته التي يطمح إليها. لذلك يجب على الإنسان أن يؤمن بذاته، فالإيمان بالذّات يساعده على قهر مخاوفه، وتحقيق ثقته بنفسه. إذ إنَّ هذه الثقة تُعدّ الوثبة بين المكان الحالي والمكان الذي يُطمَحُ الوصولُ إليه، وبالتّالي يستطيع أن يغيّر من نفسه وحياته نحو الأفضل باتباعه لبعض الأمور والعمل بها.

بداية لابد من التّركيز على الهدف، فعلى كل شخص أن يضع هدفه نُصبَ عينيه، وأن يرسم مسيرته بشكلٍ منظّمٍ يتقدم فيه نحو الأمام؛ ليصل إلى هدفه المنشود، وأن يبتعد عن إحباطات الآخرين، فيركّز على الإيمان بنفسه وقدرته وطاقاته، ويعمل على تنميتها.

كما يجب على الإنسان ألّا يقارن نفسه بالآخرين، وألّا يهتمّ بكلامهم عنه، وخاصّة إن كان كلامهم محبطاً، بل يترك النّتائج هي التي تتحدّث عن إنجازاته ومسيرته وطموحاته، التي لا بد أن تتضمن أعمالاً لوجه الله تعالى، وأن تكون النيّة صافية وخالصة لله وحده، فعندما تقوم بأيّ عمل بصدقٍ خالص، فإنَّ نتائجه سوف تعود عليك بالخير المضاعف، (فكما تدين تدان)، فإن آمن الإنسان بهذه المقولة وسعى نحو هدفه بخطوات ثابتة، وزرع في نفسه نوعاً من التحفيز الذّاتي الذي يدفعه للعمل بقوة، نراه يصل إلى أهدافه المرجوّة، وبالتالي ستزداد ثقة الآخرين به، وسيتبعون منهجه، بمن فيهم أسرته وأصدقاؤه ورؤساء العمل، ما يجعل منه قدوةً للآخرين.

وللتواضع دوره الفعال في هذا السياق، فكن متواضعاً مهما كان مدى إنجازك ومستواه، فالإنسان السّويّ كلما زاد إنجازه ونتاجه، زاد تواضعه مع الآخرين. وعليهِ ألّا يعاير الناس بضعفهم وعجزهم عن الوصول لما وصل إليه، فإنَّ التّكبّر قد يصل بالإنسان إلى مرحلة (الأنا)، هذه الدرجة التي هي بعيدة كلّ البعدِ عن التّواضع، ومن الضروري أن يسيطر الإنسان على الأنا في داخله، بشكل يجعله مصدر ثقة للآخرين، فلا يكون منبعاً للتّعالي؛ لأنَّ ذلك يؤدي إلى نفور الآخرين منه، والابتعاد عنه، في حين أَنَّ الشخص المتواضع والواثق من نفسه في آن واحد سيكون قادراً على منح الثقة لغيره، وتحفيزهم للقيام بأفضل أداء، وبهذه الطريقة يصبح للواثق من نفسه سلطة على من حوله.

ومن أجل الميزات أن ترتسم على وجه الإنسان، فهي تشرح القلب، وتهدّئ النفس، فتزرع في داخلِ الشخصِ وداخلِ من حوله التفاؤلَ والسّعادةَ، وبالتالي تسانده في تحقيق الأهداف بشكل متقن، والتّربُّعِ على درجةِ التَّميُّزِ والإبداع والنّجاح.