أزحف في هذه السنة لأدخل دائرة الخمسين من عمري ومن المستحيل أن تمر هذه المناسبة من دون أن أخترع "نظرية عرفجية" تقسم الأعمار إلى ستة أقسام، وكأن في كل قسم يصف عشر سنوات من هذا العمر الذي أحياه، هذا العمر الذي أسأل الله أن يجعله طويلاً ومفيداً ومثيراً، وكما جاء في الحديث: "خيركم من طال عمره وكثر عمله".
بعد هذه المقدمة دعونا "نخشّ" في الموضوع ونذكر الأقسام الستة:
أولاً: أوقات الانكسار
ومن منا لم يمر بهذه المرحلة حيث يفقد عزيزاً أو يخسر مالاً أو يتعرض لخيانة، وهكذا هي الدنيا في تحولاتها، ولكن الجميل في هذه الأوقات أنها لا تدوم بل تمر عند العقلاء في ثلاثة أيام، نعم تمر ولكن تبقى الدروس التي تعلمناها من هذه الانكسارات عالقة في الذهن لكي ترشدنا إلى الصواب في أيامنا المقبلة.
ثانياً: أوقات الانتصار
وهي تلك الأوقات الجميلة التي نحقق فيها انتصاراً في مباراة أو نجاحاً في اختبار أو تجاوزاً لتحدٍ، ومن منا لم يقفز حتى يصل إلى سقف الغرفة فرحاً بنتيجة أو سعادة بتفوق.
ثالثا: أوقات الانشطار
وهي الأوقات العصيبة التي تصيبنا أحياناً، حيث يشعر الإنسان بأنه منفصل إما عن نفسه وإما عن مجتمعه حيث يعيش غربة أو غربتين، كأن يكون غريباً عن نفسه حين ينظر إلى المرآة فلا يتبيّن ملامحه أو لا يعرف نفسه أو يعيش غربة في مجتمعه فلا يستأنس بقوم، وليس بينه وبين من حوله أي ألفة مشتركة، إنها أوقات عصيبة إذا لم يعالجها الإنسان ستدمر حالته ويصبح أسير المستشفيات وطريح المصحات.
رابعاً: أوقات الانتظار
وهي أوقات تمتد من الدقيقة إلى السنة حين ينتظر الإنسان الحبيب القادم أو التخرج أو الوظيفة أو عودة المسافر، ومع الأسف أن هذا الوقت في الغالب يضيع في طقطقة الأصابع والنظر إلى الساعة والتقويم حين انتظار حدوث الأشياء التي ننتظرها.
خامساً: أوقات الاستمرار
وهي تلك الأوقات التي يعيشها الإنسان بشكل طبيعي، حيث تستمر الحياة في رتابتها بلا حزن ولا فرح، بل يبقى الإنسان مستمراً يمارس حياته وفق درجة حرارة معتادة، وهذه المرحلة من أكثر الأوقات عمراً عند الإنسان.
سادساً: أوقات الازدهار
وهي ما يعرف بلحظة التجلي أو ولادة الأفكار والمشاريع أو الانبثاق والتدفق والاشراق والشغف والتفتح، ولو راجع الإنسان حياته لوجد عشرات اللقطات من أوقات الازدهار العامرة بالنمو والضياء.
في النهاية أقول:
يا قوم اعلموا أن أعماركم هي خمسة أيام يتناوب عليها أوقات الانكسار والانتصار والانشطار والانتظار والاستمرار والازدهار، والعاقل من يتعامل مع كل وقت وفق ما يحتاجه، مثلاً في مرحلة الانكسار حاول أن تتعافى وتخرج منها بسرعة، وإذا وصلت إلى مرحلة الازدهار ابذل جهداً لكي تستمر كل لحظة من تلك اللحظات المزهرة، أما إذا دخلت في مرحلة الاستمرار فيجب أن تبذل الجهد لكي تنقل هذه المرحلة من أوقات الاستمرار إلى أوقات الازدهار.