كَتَبتُ كَثيراً عَن السَّعَادَة، ولَا عَجَب فِي ذَلك، فهَذا شَأَن المَفاهيم المُهمَّة، وهَذه حَال المَعَانِي السَّامية المَطلوبَة، حَيثُ يَختَلف النَّاس حَولهَا؛ بقَدْر النَّظَر إليهَا، وقَد نَصل إلَى طَرح قَاعِدَة تَقول: (إنَّ لكُلِّ إنسَانٍ مَفهومه الخَاص للسَّعَادَة)..!
لَن أَتحدَّث عَن مَفهومي للسَّعَادَة لسَببيْن: أَوّلهمَا أَنَّ رَأيي لَيس مُهمّاً، والسَّبَب الثَّانِي هو أَنَّني لَم أُكوِّن رَأياً بَعد، لِذَلك دَعوني أَستَعين بالفَيلسوف "جان باول"، صَاحِب كِتَاب "السَّعَادَة تَنْبع مِن الدَّاخِل"، حَيثُ يَقول: (عِندَما أَستَعرض ذِكرياتي هَذه، تَزيد قَنَاعتي بأنَّ السَّعَادَة حَالٌ فِي مُتنَاول الجَميع، ولَكنَّنا عِندمَا نَبحَث عَنهَا فِي الخَارِج، فذَلك يَعني أنَّنا نَسلك طَريقاً غَير صَحيح، فالسَّعَادَة كَانت دَائِماً – ومَازَالت - مِن الأمُور التي تَنْبع مِن الدَّاخِل. وهُنَاك استنتَاج مهمّ آخَر هو: أَنَّ السَّعَادَة تَأتي دَائِماً كنَتيجَةٍ لحَدثٍ مَا، نَتيجَةٍ لعَملٍ آخَر نَقوم بِهِ. إنَّ السَّعَادَة كالفَرَاشَة، لَا يُمكن للمَرء أَنْ يَتتبّعهَا بشَكلٍ مُبَاشر ليَلتقطهَا، ولَكن مُحَاولات البَحث عَن السَّعَادَة - بحَدِّ ذَاتهَا - فَاشِلَة لَا مَحَالَة، إنَّه بإمكَاننا البَحث مُباشَرةً عَن غَالبيَّة الأشيَاء، والحصُول عَليهَا: "المَأكل والمَلجَأ والمَعرفة"، ولَكن الحَال مَع السَّعادة لَيس هَكَذا، أَنتَ تَبلغ السَّعَادَة فَقَط مِن خِلال "أَمرٌ آخَر")..!
هَذا شَرحٌ بَسيط - كَما تَرون - للسَّعَادَة، حَاول الأُستَاذ "جان" أَنْ يُبسِّط فِيهِ؛ مَفهومه للسَّعَادة، بَعد أَنْ استَعرض الكَثير مِن التَّجَارُب والخبرَات، والذِّكريَات التي صَادفته، فِي طَريق بَحثه عَن السَّعَادَة، مِن أَجل التَّأليف عَنهَا..!
في النهاية أقول:
أيُّها النَّاس، اكتبُوا عَن سَعَادَتِكم، وأَخبرونَا كَيف وَصلتُم إليهَا؟، فكُلّ إنسَانٍ مِن حَقِّه أَنْ يَقول ويَصف، ويَشرَح رِحلَته مَع السَّعَادَة، أَثنَاء ركُوبه فِي قِطَار الحَيَاة..!!