الجسر الوحيد للوصول إلى قمّة النّجاح هي الذّات، فهي القوّة الفعّالة التي تشحذ الهمم، ومتى امتلَكَت الوعي والأدوات الأساسيّة كانت قادرة على توجيه أمور حياتها الوجهة الّصحيحة، وبالتّالي تحلّت بالذّكاء العاطفيّ الذي يمنحها قوّة كبيرة على التحكم باندفاعاتها العاطفيّة، والمحافظة على هدوئها، متفائلةً في جميع ظروف حياتها، متفهّمةً لمشاعر الآخرين وقادرةً على قراءتها بطريقةٍ صحيحة.
هناك خلطٌ عند النّاس بين مفهومي الذّكاء العاطفيّ والذّكاء العقليّ، فالذّكاء العاطفيّ هو قدرة الشّخص ووعيه الذّاتيّ ومدى إدراكه لعواطفه وعواطف الآخرين، وتفاعله مع المواضيع الدّقيقة والحسّاسة، وإدارة شخصيّته بكلّ إيجابيّة للتّعبير عن كلّ ما يجول داخله بأفضل الطّرق، ما يساعده على معرفة كيفيّة امتلاك الآخرين لعواطفهم، وهذا يساعد في توظيف هذه القدرات على تطوير العلاقات مع المحيط، والاستجابة للمواقف الطّارئة بالشّكل الملائم، ما يجعل الذّكاء العاطفيّ العامل الرّئيس للنّجاح في جميع نواحي الحياة.
الذّكاء العاطفيّ فطريّ لدى جميع البشر، أي أنّه ليس معدوماً، لكنّه بدرجات متفاوتة لديهم، إذ يستطيع الفرد تطوير وزيادة درجة ذكائه العاطفيّ بشكلٍ تدريجي مع مرور الوقت، وبوجود الوعي الذّاتي والقدرة على إدارة العواطف السلبية بالشكل السّليم، على عكس الذّكاء الأكاديميّ (العقلي) الذي يُعبّر عن درجة ذكاء الفرد وتحصيله الدراسيّ، فهو يساعد في تحقيق أفضل النتائج مقارنةً بزملائه، أي أنّه المحدّد الأساسيّ للنّجاح، إلّا أنّ الدّراسات والتّجارب الحديثة أكّدت أنّ الذّكاء العاطفيّ يفوق الذّكاء العقليّ، فإعمال المشاعر والتّحكّم العقليّ والوعي الشّخصيّ والاجتماعيّ، يُعدّ سبباً لنجاحٍ باهر على الصّعيد الأسريّ والمدرسيّ والمهنيّ، ذلك أنّ الذّكاء العقليّ يساعد الفرد في الحصول على وظيفةٍ معيّنة، لكنّ الذكاء العاطفيّ سيكون سبباً للارتقاء نحو الأفضل.
إذاً نستخلص أنّ إدارة الذّات هي المحرّك الأساسيّ للحياة كالمقود بالنّسبة للسّيّارة، فمتى استطعت توجيه ذاتك الوجهة الصّحيحة وصلتَ لأعلى درجات النّجاح، وحقّقت كلّ ما تصبو إليه، فارفع شعار "ذاتك لقيادة حياتك".