كتاب للكاتب (تود هنري) يتكلّم فيه عن تطوير الذّات، تدور فكرته حول إفراغ جعبة الإنسان ممّا فيها من معلوماتٍ وأفكار وإبداعات وابتكارات قبل أن توافيه المنيّة، وقال الكاتب: إنّ فكرة هذا الكتاب أتت عندما كان - تود هنري - في اجتماعِ عملٍ، وسأل مديرٌ أميركيٌ الحضورَ قائلاً: ما هي أغنى أرض في العالم؟ فأجابه أحدهم: إنّها بلاد الخليج الغنيّة بالنّفط، في حين قال آخر إنّها مناجم الألماس في إفريقيا، فعقّب المدير قائلاً: إنّ المقبرة هي أغنى أرض في العالم، ذلك أنّ ملايين البشر رحلوا إليها، حاملين أفكارهم القيّمة التي لم تُبصر النّور ولم يستفد منها أحد، فبقيت حبيسة رؤوسهم، وهذه دعوة لكلّ إنسان لإفراغِ كلّ ما لديه من أفكارٍ وطاقاتٍ كامنة، وتحويلها لأمورٍ ملموسة محفّزة للبشر على التّطوير، وعدم التّأجيل والتّسويف، ليشاهد الإنسان ثمار أفكاره على أرض الواقع، وينعم برؤية إنجازاته في الآخرين، فكم من فكرةٍ بسيطةٍ في عقول أحدهم أصبحت منارةً تنير دروب التّائهين، فالعالم لن يتغيّر بما نريده، بل بما ننجزه فعلاً؛ لأنّ الإنسان سيرحل عن هذه الأرض، ولن يأخذ معه شيئاً منها سوى أعماله الصّالحة، التي تعتبر بمثابة بوصلة توجّه الآخرين للطّريق السّليم، فيرحل تاركاً بصمته وأثره في النّفوس والعقول.
لديك فكرة اطرحها ودعِ الآخرين يطبقونها ويستفيدون منها، امنحهم الحبّ والعطاء والطّاقة الإيجابيّة، حفّزهم على فعل الخير والمبادرة، اغرس داخلهم بذور الثقة والأمل، لا تجعل أفكارك حبيسة عقلك وسجينة رأسك، حرّرها لتحلّق نحو الفضاء الرّحب، فتنير الكون بالعلم، وتبدّد ظلمة الجهل والسّلبيّة.
يقول تود هنري في كتابه (لا تذهب إلى قبرك وأنت تحملُ في داخلك أفضل ما لديك، اختر دائماً أن تموت فارغاً).
من المهمّ أن نختار ونقرر كيف نريد أن نمضي أيّام عمرنا المكتوبة، بل وأن نثق بأفكارنا ونتبنّاها، ونسعى جاهدين لتحقيقها قبل الوفاة، فأيّام الإنسان معدودة، وكلّ يومٍ يمضي دون إنجازٍ شيءٍ ما فإنّه يذهب هباءً منثوراً، كما أنّنا سنندم على إضاعته دون فائدة، لذلك حفّز نفسك وشجّعها على طرح أفكارك على أرض الواقع وتجربتها، اعترف بحبك للآخرين، شاركهم عواطفك وأحاسيسك، امسك بأيديهم لتحقيق طموحهم بعيداً عن الخوف من العقبات، فالخوف يبدّد كلّ تقدّم، لا تتردّد في إنجاز أيّ عملٍ حتى لو كان صغيراً في البداية، فكلّ إنجازٍ كان فكرة ثمّ تحوّل قولاً، ثمّ عملاً، ثمّ إنجازاً باهراً، ولا تسمح للظّروف بإعاقتك عن التّقدّم والتّطوّر، بل اقتنص الفرص المتوقّعة وغير المتوقّعة، واستغلّها في صنع قيمتك، فالنّجاح هو إفراغ النّفس من أفضل الأعمال والأفكار، ومُت فارغاً من همومك وآلامها، ومن العطاء والحبّ والخير الذي بداخلك، وهذا ما قاله الرسول الكريم (إذا قامت السّاعة وفي يدِ أحدكم فسيلة فليزرعها)، فعِش يومك وكأنّه آخرُ يومٍ في حياتك، وأفرغه قبل الرّحيل.