استبشاراً بالعام الجديد أهدت فرقة «فيينا السيمفونيّة» صباح الأربعاء (1 ــ1ــ2020) أوّلُ يوم من العام حفلاً رائقاً وممتعاً، نقلتهُ مُباشرة مئات القنوات التلفزيونيّة ليشاهدهُ مئاتُ الملايين في العالم بأسره.
من كلّ القارّات، من كلّ الثّقافات، من كلّ الحضارات تابع النّاس في أكثر من 100 بلد هذا الموعدُ الفنّي المتميّز الرّاقي احتفال كلّ عام برأس العام الجديد، وفيه إلى جانب العزف الرّائع لقطع الموسيقى الكلاسيكيّة الشّهيرة رسائل حبّ وسلام وفرح وبهجة للإنسانيّة جمعاء.
وكلّ عام يختار أعضاء الفرقة «المايسترو» الذّي يقود حفلة رأس العام، وكان هذا العام هو «أندريس نلسنس» وهو شاب في الواحدة والأربعين من العمر، وهو من ألمع الموسيقيين العالميين.
ويدير هذا الحفل الشّهير كل عام مايسترو له إشعاع عالمي، ويتميّز بالمهارة والإتقان والكاريزما ويكون «نجم» الحفل بحركاته السّاحرة وذوقه الرّفيع وأناقته في لباسه وعزفه وقيادته.
القُرعة
ويحضُر الحفل الذّي يُقام كلّ أوّل يوم من العام رئيس البلاد، وشخصيّات مرمُوقة نمساويّة وعالميّة، وجمهور محظُوظ، فاز عن طريق القُرعة بفرصة العُمر بحضور الحفل، الذّي طبّقت شُهرته الآفاق واكتسب شُهرة وصيتاً لدى المُولعين والعاشقين للموسيقى الكلاسيكيّة وللسّيمفونيّات.
وبسبب كثرة ُالطّلب الكبير لحضور هذا الحفل السّنوي، فإن التذاكر تُباع بالقرعة بشكل شفّاف ونزيه، ويتولّى الرّاغب في اقتناء تذكرة أن يسجّل اسمه عاماً كاملاً قبل موعد إقامة الحفل، وتمتدّ فترة التسجيل خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، والمحظوظون الفائزون بالقرعة تتمّ مكاتبتهم في شهر مارس (آذار) من كلّ عام لدعوتهم لدفع ثمن تذاكرهم، وثمن التذاكر يختلفُ حسب المكان في القّاعة، وبعض المقاعد محجوزة مُسبّقاً لعائلات نمساويّة معيّنة، ويتمّ توارثُها جيلاً بعد جيل. علماً وأنّ القّاعة الفخمة التي يُقام بها الحفل تتّسع إلى 2854 شخصاً، وأغلى تذكرة سعرها 1500 يورو.
برنامجُ الحفل
ولأنّه تقليد ثابت ودوري منذ 1958، فإن برنامج الحفل لا يحمل عموما مفاجآت، فهو مُعلن عنه دائماً مُسبّقاً، ويتضمّنُ أروع القطع المُوسيقيّة السيمفُونيّة من نوع «الفالس» و«المارش» و«البولكا» و«الأوبريت»، والحفلُ يدومُ ساعتين ونصف السّاعة، ويبدأ على السّاعة الحاديّة عشرة والرُّبع من صباح اليوم الأوّل من كلّ عام جديد.
ويتضمّنُ البرنامج قطعاً من المُوسيقى السمفونيّة الرّائعة للفنّان النمساوي الشّهير «يوهان شتراوس» الأب و«يوهان شتراوس» الابن وشقيقاه إدوارد وجوزيف وكذلك «بيوتهفن» أيضاً الذّي يتمّ هذه السنة الاحتفال بمرور 250 عاماً على ولادته.
كما يتضمّنُ الحفل معزوفات سيمفونيّة رائعة لكبار الموسيقيين النّمساويين والأوروبيين، وهذا العام تمّ الاختيار على مقطوعات من موسيقيين من الدنمارك وألمانيا.
الجمهور
يأتي الجُمهور في كامل أناقته لحضور الحفل، ويلازمُ الصّمت عند الاستماع، إلا أن القاعة تضجُّ بالتصفيق الحار المطوّل عند نهاية كلّ مقطوعة؛ تعبيراً عن الإعجاب والاستمتاع بهذا النوع من الفنّ الراقي، الذّي يسمو بالإنسان إلى درجات عاليّة من التذوّق لكلّ ما هو جميل ممتع.
وتُقام الحفلة ُفي قاعة من أجمل ما ترى العينُ فخامة وزُخرفاً، بمعمارها المميّز وباقات من الزهور الرائعة شكلاً ورائحة، يتم ّإهداؤها للسيّدات من الحضور؛ للاحتفاظ بها تذكاراً عن هذا الحدث البهيج.
تفاعل
وفي ختام كلّ حفل يُسمح للجُمهور بالتصفيق، بل إن المايسترو قائد الفرقة هو من يدعو الجمهور إلى التصفيق، تماشياً مع أنغام المقطوعة الموسيقية الشهيرة «راديزكي مارش» التي ألفها «يوهان شتراوس الأب» عام 1848 بمناسبة عودة المارشال «راديتزكي» منتصراً في معركة حربية انتصر فيها النّمساويّون على الإيطاليين، فجاءت نغمات المقطوعة حماسيّة تفاعل معها الجُنود يومها بالتصفيق والخبط بالأقدام، وهكذا أصبح الأمرُ مع الحاضرين في الحفل السّنوي، الذّين يتفاعلون بالتصفيق تصفيقاً موزوناً ومرحاً بحماس، وفق تعليمات «المايسترو» الذّي يتولّى لحظتها قيادة تصفيق الحضور تماماً كما يقود فرقته.
كلّ عام وأنتم بخير مع هذه الألحان البديعة المبهجة الحالمة، والمبشّرة بسنة جميلة (استمتعوا بالفيديو المرافق)