ألقى رجال مباحث الجيزة القبض على فادية محمد «56 سنة»، التي تعتبر أخطر وأشهر مجرمة بالمحافظة.. حيثُ قامت بتكوين تشكيل عصابي تخصص في فرض الإتاوات على المارة؛ فضلاً عن سابق عهدها في مجال الآداب العامة وتزعمها لعصابة مارست نشاطها في السطو على المنازل وسرقة محتوياتها؛ انتهاء بالاتجار في المخدرات؛ حتى ذاع صيتها، وأصبحت تُلقب نفسها بالإمبراطورة.
البداية كانت عبارة عن مجموعة من البلاغات تلقتها مديرية أمن الجيزة تفيد بقيام سيدة تتزعم تشكيلاً عصابياً للنهب والسرقة والسطو المسلح بالإكراه؛ مما حول المنطقة كلها إلى بؤرة مشبوهة، تتخللها كافة العناصر الإجرامية من أجل التعامل معها وشراء المواد المخدرة، إضافة إلى تجارتها في كافة أنواع الأسلحة.
التحريات المبدئية أكدت أن هذه السيدة تعيش داخل منزل يشبه القلعة المحصنة، بالإضافة إلى توافر كافة الأسلحة لديها، مما قد يمكنها من التعامل مع القوات المهاجمة لها.. ولم تتوقف الصعوبة عند هذا الحد بل أثبتت التحريات أن جميع أهالي المنطقة يخشون هذه السيدة وعصابتها، مما يعوق عملية مساعدة الأهالي لدخول المنطقة المختبئة بها.. كما أن فادية سبق أن هددت جميع أهالي المنطقة بأنها ستحولها إلى جحيم إذا فكرت الشرطة في القبض عليها.
خطة محكمة
وضعت قوات الأمن خطة محكمة للقبض على أفراد هذه العصابة بأقل عدد ممكن من الخسائر.. بدأت المأمورية المكلفة بالمهمة بالتحرك تجاه منزل المتهمة، استيقظ الأهالي على دويّ طلقات نارية تعطي الإيحاء بأن قرية أبو النمرس تحولت إلى ساحة معركة حربية شرسة. ظهر الرعب على الوجوه والتزم الجميع المنازل، فهم كانوا يدركون منذ أشهر أن هذه اللحظة آتية لا محالة!
حاصرت أجهزة الأمن منزل السيدة الأسطورة، وتحول المكان إلى جحيم، طلقات متبادلة، ومقاومة شرسة من فادية التي رفضت الاستسلام. والتي بمجرد علمها باقتراب رجال الشرطة من المكان أصدرت تعليماتها إلى أفراد عصابتها بالتعامل والاشتباك الفوري مع القوات.. مما اضطر رجال الشرطة للتعامل مع الوضع بإطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع مع إطلاق الرصاص الحي، فقرر عناصر التشكيل الإجرامي الهرب، ولم يبق سوى زعيمة العصابة والتي تم إلقاء القبض عليها.
بلغت حصيلة اتهامات فادية 68 قضية؛ مما يعني أن قضاياها تزيد على سنوات عمرها.. أطلقوا عليها لقب إمبراطورة المجرمين في الجيزة، فهي المرأة القوية صاحبة الكلمة المسموعة، حكمها نافذ على الجميع، استغلت سطوتها وجيش المجرمين القائم معها؛ لتكون أخطر امرأة في الجيزة.. كلمتها كانت سيفاً على رقاب الرجال، كانت تشهد المجالس العرفية بين الرجال وكبار العائلات لتحكم بينهم، ومن يخالفها يعرض نفسه للهلاك، قوتها استمدتها من تاريخ مع الجريمة يمتد لأكثر من ثلاثين عاماً.
زوجي دفعني للجريمة
أمام وكيل نيابة الجيزة بدأت فادية تروي حكايتها مع الإجرام قائلة: لم أختر مسار حياتي، والأمر كله كان مصادفة.. فأنا ولدت لأسرة بسيطة الحال، ولم أنل أي قسط من التعليم؛ مما دفع والدي للموافقة على أول عريس يطرق بابي.. وقتها كان عمري 18 سنة، لم يكن لدي القدرة على الاعتراض أو الرفض.. ومع اليوم الأول لزواجي اكتشفت أن زوجي تاجر مخدرات.. كان الأمر بالنسبة لي شيئاً مخيفاً، ولكن مع مرور الوقت وجدت أنني أنزلق في طريق الإجرام؛ حتى أصبحت تجارة المخدرات بالنسبة لي جزءاً لا يتجزأ من حياتي اليومية.. وبعد إلقاء القبض على زوجي لم يكن أمامي مفر من السير في نفس طريق زوجي؛ حتى أتمكن من الإنفاق على نفسي.. وفي إحدى المرات وأثناء ترويجي للمخدرات تعرفت على أحد الأثرياء أمام أحد الملاهي الليلية، وأقنعني بأن أمضي معه ليلتي مقابل مبلغ مالي كبير.. وبصراحة في الأول رفضت ولكن تحت الإغراء المادي الكبير وافقت.
وتستطرد فادية قائلة.. بعدها اكتشفت أن بيع الجسد يدر دخلاً أكبر بكثير من المخدرات، فغيرت نشاطي الإجرامي من تجارة المخدرات إلى استئجار شقة وإدارتها للأعمال المنافية للآداب.. ونظراً لطبيعة وظروف هذا العمل اضطررت لاستئجار مجموعة من البلطجية؛ لكي يقوموا بحمايتنا.. ومن هنا كانت البداية الحقيقية لانطلاقتي في عالم الإجرام.. فبمرور الوقت توسعت أعمالي وذاع صيتي وسط أهالي المنطقة، وأصبح الجميع يخشاني.. وتنوع نشاطي ما بين الاتجار في المخدرات وتجارة السلاح، وأيضاً كونت تشكيلاً عصابياً تخصص في سرقة المواطنين بالإكراه والاستيلاء على السيارات.
وتواصل فادية كلامها قائلة: بصراحة أنا كنت ناوية أتقاعد بعد أن حققت الثروة التي تؤمن حياتي في المستقبل، ولكن يبدو أنني تأخرت كثيراً، ويبدو أن يد العدالة كانت أسرع من توبتي ومن قراري.
انتهت المتهمة من اعترافاتها التفصيلية، وأمرت النيابة بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات.