قبل بداية الشهر الفضيل، تعلقت عيون متابعي الدراما الرمضانية بشاشات التلفاز أملاً في انتشالهم من دائرة الملل والكآبة السائدة، والتي فرضتها ظروف الحجر المنزلي على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد.
تفاءل الجمهور بوجود ما يقرب من 25 عمل كوميدي ما بين الخليجي والمصري والشامي، ونجوم الكوميديا العرب عادل إمام وناصر القصبي، الذين تصدرا المشهد الكوميدي في موسم دراما رمضان 2020، لكن رياح الضحك، لم تأت بما اشتهته شفاه المشاهدين.
مخرج 7.. وفخ التكرار
وقع النجم ناصر القصبي في فخ التكرار، فجاء الجو العام للعمل مشابهاً بشكل كبير لـ "طاش ما طاش"، أبرز ما قدم القصبي في مسيرته.
القصبي يلعب في "مخرج 7" دور «دوخي»، الموظف الحكومي ورب الأسرة، الذي يعيش في دوامة المشكلات سواء تلك التي تواجه عائلته أو ما يحدث في الدائرة التي يعمل فيها.
الناقد السعودي رجا ساير المطيري، كان من أوائل الذين غردوا في حق «مخرج 7» و«ضرب الرمل»، حيث وصف بداياتها بـ «المخيبة»، قائلاً: «مهما جمعت من النجوم، إذا لم تكن هناك رؤية ولا سيناريو ولا جدية، فالنتيجة مثلما ترون..».
ولم تأت تغريدات المتابعين على تويتر بجديد، حيث اتفقت الغالبية العظمى على أن العمل لم يأت على المستوى المأمول، من نجم ما زال يصنف بالـ "نمبر وان" بين نجوم الفن الخليجي.
فالانتينو.. خبرة الزعيم لا تكفي
الفخ نفسه وقع فيه زعيم الكوميديا المصرية، عادل إمام، في مسلسل "فالانتينو"، بل وبشكل أكبر، حيث بدا كمن يستند على جماهيريته وتاريخه العريض فقط في مواجهة رياح عاتية، حملت ضعفاً كوميدياً واضحاً في سيناريو الكاتب الكبير أيمن بهجت قمر، وحلولاً إخراجيةً عاجزة للمخرج رامي إمام، وافتقاد أبطال العمل القدرة على إيجاد مفردات جديدة للضحك تناسب روح العصر، وتناسب المشاهدين الذين باتوا هم من يبتكرون النكات على السوشيال ميديا، وباتت مهمة إضحاكهم تتطلب المزيد من الجهد.
فجاءت النتيجة عملاً فنياً، لولا وجود عادل إمام فيه، لما كانت مشاهدة حلقتين منه بالأمر المحتمل.
نظرة عامة
باقي المسلسلات المصرية، مثل "رجالة البيت" و"عمر ودياب" و"اتنين في الصندوق"، كان الإصرار فيها واضحاً على إستخدام "إفيهات" السوشيال ميديا التي بات يحفظها أغلب المشاهدين عن ظهر قلب، تماماً كما كان الحال في "مسرح مصر" وهو الخلفية التي أتى منها أغلب أبطال تلك المسلسلات، فجانبها التوفيق، ولكن يبقى مسلسل "اتنين في الصندوق" هو أكثر المحاولات الكوميدية جدية من بين تلك الأعمال.
خليجياً كانت مسلسلات ( "مانيكان" - سواها البخت - مليار ريال - رقم الحظ 7) هي الأعمال التي حملت قدراً من الضحك ليس بالهين، لكنها جميعاً اشتركت في شيء واحد، وهو عدم القدرة على منافسة الأعمال الدرامية في نسب المشاهدة.
بينما بدت حصة الموسم الرمضاني من الأعمال الكوميدية السورية واللبنانية المشتركة، قليلة نسبياً، ويتصدر عناوينها ثاني أجزاء سلسلة "ببساطة" ومسلسل "ولد بنت" ومسلسل " أحلى الأيام"، والتي لم يختلف الحال فيها كثيراً عما ذكرناه خلال الأسطر السابقة.
بـ 100 وش
بين كل هذا التخبط الذي شهدته الكوميديا في موسم دراما رمضان 2020، جاء المسلسل المصري "بـ 100 وش" من بطولة نيللي كريم وآسر ياسين، وتأليف عمرو الدالي وأحمد وائل، وإخراج كاملة أبو ذكري، بمثابة قبلة الحياة للكوميديا العربية في موسمها الرمضاني الأضعف، كوميديا كطفلك الصغير، لا تملك إلا أن تحبها وتتعاطف معها، وأن تتابعها بشغف وهي تكبر أمام عينيك، وتغفر لها زلاتها، وتضحك معها من القلب.
عمل احترم وعي المشاهد، فوجد احتراماً وتقديراً مماثلاً من الجمهور والنقاد، الذين أثنوا على جرعة الكوميديا المكثفة التي حملها بين طياته دونما إسفاف أو ابتزال أو تهريج، كما أثنوا على التميز التي طال جميع الممثلين وعلى رأسهم نيللي كريم وآسر ياسين وإسلام إبراهيم وشريف دسوقي وعلا رشدي وغيرهم، على الرغم من أن "التيمة" التي راهن عليها المسلسل تبدو مستهلكة، حيث أفراد العصابة الذين يجمعون بين الذكاء والكوميديا، ويخططون لسرقة كبرى، "تيمة" تكررت في أعمال عدة كان آخرها المسلسل الإسباني الشهير 'la casa de papel"، مع الوضع في الاعتبار الاختلاف الكبير في الجو العام بين العملين، لكن الفيصل هنا كان الواقعية الشديدة التي انتهجتها كاملة أبو ذكري في إخراجها للعمل، ما جعل المشاهد ينسى في كثير من الأحيان أنه أمام عمل درامي، وإنما أمام شخصيات بات يعرفها جيداً بعد أن تولدت حالة من الألفة بينه وبينهم خلال الحلقات الماضية، حالة من الألفة كان الفضل فيها راجعاً إلى التلقائية والبساطة الشديدتين، والتي جعلت الكثيرين يلقبون هذا العمل بـ "السهل الممتنع".
الكوميديا في رمضان 2020، كانت نادرة، ولم تستطع الصمود في وجه الأعمال الدرامية التي فرضت نفسها بقوة مثل "الاختيار"، "النهاية"، "فرصة ثانية"، "البرنس"، "ونحب تاني ليه"، "ضرب الرمل"، "أم هارون"، "الساحر"، "النحات"، وغيرها، وهي فرصة لكتاب الكوميديا في العالم العربي لمراجعة إنتاجهم، ولنجوم الكوميديا كذلك، الذين توجب عليهم أن يدركوا أن التكرار لم يعد ملاذاً آمناً للضحك، وأن الكوميديا في عصرنا هذا يجب أن تأخذ 100 شكل، وأن تظهر بـ 100 وش.