تعرف فترة المراهقة بأنّها من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، والترقي في الصعود نحو الكمال الإنساني، ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، هي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية)، إضافة لما يتعرض الإنسان فيها إلى صراعات متعددة داخلية وخارجية ، وهي تحدث في الفترة العمريّة الممتدّة من عمر خمس عشرة سنة وحتى بلوغ الواحد والعشرين من العمر، وتعتبر من أكثر مراحل العمر تقلّباً وصعوبة، وتشكّل الاختبار الأوّل للحياة المستقبليّة، حيث يعتمد مستقبل الفرد وكثير من قراراته على أفعاله خلال فترة المراهقة، عن مراحل النمو عند المراهق ومشاكلها وتحدياتها تحدثنا الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة طب النفس وخبيرة الشؤون الأسرية
حقائق علمية ونفسية عن المراهقة
هي سلسلة مُتتابعة من التطوُّرات والتغيُّرات المرئية وغير المرئيّة، التي تطرأ على الإنسان، تؤدِّي إلى ارتقاء واكتمال النُّضج في مُختلف نواحي النمو الجسميّة والعقليّة. ترجع كلمة «المراهقة» إلى الفعل العربي «راهق» الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق، أي: قارب الاحتلام، والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد. أما المراهقة في علم النفس فتعني: «الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي»، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.
بين البلوغ والمراهقة فرق، هناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني «بلوغ المراهق أي: اكتمال الوظائف الجنسية عنده، وذلك بنمو الغدد الجنسية، وقدرتها على أداء وظيفتها»، أما المراهقة فتشير إلى «التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي». وعلى ذلك فالبلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها، فهو أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة.
ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه.
وصول الفرد إلى النضج الجنسي لا يعني بالضرورة أنه قد وصل إلى النضج العقلي، وإنما عليه أن يتعلم الكثير والكثير ليصبح راشداً ناضجاً، للمراهقة والمراهق نموه المتفجر في عقله وفكره وجسمه وإدراكه وانفعالاته، مما يمكن أن نلخصه بأنه نوع من النمو البركاني، حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجياً وهرمونياً وكيماوياً وذهنياً وانفعالياً، ومن الخارج والداخل معاً عضوياً.
المراهقة قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل
مرحلة المراهقة الوسطي (14 - 18 عاماً)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
مرحلة المراهقة المتأخرة (18 – 21 عاماً)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.
ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر المراهق.
صورة المراهق الجسدية والنفسية
علامات أو تحولات بيولوجية تطرأ على المراهق
ولاً: النمو الجسدي: حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات.
ثانياً: النضوج الجنسي: حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات.
ثالثاً: التغير النفسي: إن للتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فظهور الدورة الشهرية عند الإناث يمكن أن يكون لها ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وذات الأمر عند الذكور عند حدوث القذف المنوي الأول، أي مزيج من المشاعر السلبية والإيجابقد يحدث
رابعاً: النمو الحركي: ينمو جسم المراهق خلال المرحلة الأولى من فترة المراهقة بشكل سريع جدّاً، ونتيجة هذا النمو المتزايد وغير المتوازن، يميل بعض المراهقين إلى الشعور بالكسل والخمول، وقلّة النشاط والحركة أيضاً، كما تكون حركاتهم غير دقيقة، وتتميّز بعدم اتّساقها مع بعضها.
النمو الانفعالي وتأثيره
يحدث أن يصطدم بعض المراهقين بكثير من الأشياء أثناء سيرهم، أو قد تسقط الأشياء التي يحملها بين يديه، وبالإضافة لكون التغيّرات الجسمانيّة سبباً في عدم الاتّساق الحركي، فإنّ تعرّضه لتعليقات البالغين ونقدهم، وزيادة المسؤولية الاجتماعيّة الملقاة عليه، تسبب الشعور بالارتباك وعدم القدرة على الاتّزان.
خامساً: النمو الانفعالي
هناك مجموعة من الانفعالات التي ترافق عمليّة نمو الأعضاء الداخليّة، مثل المشاعر الوجدانيّة، والتغيّرات الفسيولوجيّة والكيمائيّة، بالإضافة إلى تأثيرات العالم الخارجي، والبيئة المحيطة بالمراهقين في هذه الانفعالات، حيث تعتبر من أكثر المثيرات لانفعالاته، فضلاً عن أنّ المراهقين بشكل عام يكونون أكثر عنفاً خلال مرحلة المراهقة.
ومن أكثر العوامل أهمّية في التأثير على هذه الانفعالات أثناء فترة المراهقة ما يأتي: التغيّرات الجسمانيّة التي تحصل للمراهق، نمو الإمكانيّات العقليّة، وتأثيرها على انفعالات المراهق وردّة أفعاله. شعور المراهق بالتوتّر والحرج أثناء مخالطته للجنس الآخر. تأثير طبيعة العلاقات الأسريّة الموجودة بين الأبوين والإخوة والأقارب، ونوع التفاعل فيما بينهم أثناء فترة الطفولة ومرحلة المراهقة، على النمو الانفعالي للمراهق.
لمرحلة المراهقة مشاكلها
لمراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط.
كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، والنمو عملية مستمرة ومتصلة، والنمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين.
ثلاثة أنواع من المراهقة وردود أفعالها
أشكال مختلفة للمراهقة، منها: مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.
مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.
مشكلات وتحديات يواجهها المراهق
أولها الصراع الداخلي: حيث يعاني المراهق من وجود عدة صراعات داخلية، ومنها: صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
ثانيها الاغتراب والتمرد: فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة
الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقاً لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
ثالثها الخجل والانطواء: فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
رابعتها السلوك المزعج: والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
خامسها العصبية والإزعاج: فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين، وهناك علاقة قوية بين وظيفة الهرمونات الجنسية والتفاعل العاطفي عند المراهقين، بمعنى أن المستويات الهرمونية المرتفعة خلال هذه المرحلة تفاعلات مزاجية كبيرة على شكل غضب وإثارة وحدة طبع عند الذكور، وغضب واكتئاب عند الإناث. تؤدي إلى