في جهود لاكتشاف نوع من الحياة خارج الأرض أكد فريق من علماء الفلك في دراسة علمية جديدة وجود كوكب خارجي شبيه بالأرض يدور حول أقرب نجم للمجموعة الشمسية في المنطقة الصالحة للحياة.
جهاز إسبرسو مكَّن من قياس كتلة الكوكب بدقة
أعاد باحثون من جامعة جنيف السويسرية وآخرون في الدراسة العلمية المنشورة في دورية «أسترونومي آند أستروفيزيكس» قياس البيانات المختلفة لكوكب «بروكسيما بي»، وكان هذا الكوكب قد اكتُشف قبل أربع سنوات، لكن الوسائل التي استخدمها العلماء آنذاك لم تسمح بقياس حجمه وخصائصه المدارية.
واستخدم الباحثون مطياف «إسبرسو» المثبت على تلسكوب المرصد الجنوبي الأوروبي الكبير «في إل تي» في تشيلي، الذي يُعد نسخة مطورة من المطياف الذي استخدمه الباحثون لاكتشاف هذا الكوكب، لكنه لم يكن دقيقاً بما يكفي لحساب حجم الكوكب وموقعه حول النجم بشكل دقيق.
ويقول ميشيل مايور الحائز على جائزة نوبل للفيزياء في عام 2019 ومكتشف أول كوكب خارجي عام 1995 والمشرف على تصميم جهاز قياس الطيف «إسبرسو» إن «جهاز إسبرسو مكَّن من قياس كتلة الكوكب بدقة»، وأضاف: «تبين أن كتلة الكوكب تبلغ عشر كتلة الأرض، وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق».
عائلة بروكسيما النجم والكوكب
يدور هذا الكوكب الغريب حول نجم «بروكسيما سنتوري» الذي يُعد أقرب نجم للمجموعة الشمسية، ولا تفصله عن المجموعة الشمسية سوى 4.24 سنوات ضوئية. وهو نجم قزم يبلغ قطره 200 ألف كيلومتر «نحو مرة ونصف المرة لقطر المشتري»، وهو بارد لا تزيد حرارة سطحه على 3 آلاف درجة مئوية مقابل أكثر من 5 آلاف درجة على سطح الشمس.
ونظراً لخصائصه تلك فإن المنطقة الصالحة للحياة التي تتلقى قدراً معتدلاً من الطاقة، والتي يمكن أن يوجد فيها الماء في شكله السائل تكون قريبة نسبياً منه مقارنة بالشمس، ووفقاً لنتائج الدراسة، فإن كوكب «بروكسيما بي» يمتلك كتلة تعادل 1.17 كتلة أرضية، ويدور حول نجمه القزم في مدار يبلغ قطره 7.5 ملايين كيلومتر «نصف عشر المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس» في منتصف منطقة نجمه الصالحة للسكن.
مشهد تخيلي لسطح «بروكسيما بي»
وعلى الرغم من أن «بروكسيما بي» يدور حول نجمه على مسافة قريبة جداً؛ فإنه يتلقى تقريباً الكمية نفسها من الطاقة التي تحصل عليها الأرض من الشمس. ويعتقد العلماء أن السنة على هذا الكوكب -أي المدة التي يستغرقها للقيام بدورة واحدة حول النجم- قصيرة جداً، ولا تزيد تلك السنة على 11.2 يوم أرضي، وهي نفسها مدة اليوم الواحد على هذا الكوكب؛ لذلك فهو يواجه نجمه بجانب واحد يكون مضاءً دائماً، في حين يبقى الوجه الآخر مظلماً وبارداً.
ماذا عن الحياة هناك؟
وعلى الرغم من أن «بروكسيما بي» أقرب بنحو 20 مرة إلى نجمه من الأرض عن الشمس؛ فإنه يتلقى طاقة مماثلة، وهو ما يعني أن درجة الحرارة في بعض الأماكن من سطحه تكون مناسبة؛ ليكون الماء سائلاً، هذا إن كان موجوداً فعلاً. غير أنه ما يزال هناك طريق طويل قبل أن يتمكن العلماء من استنتاج أن الحياة كانت قادرة على التطور على سطحه أو لا، خاصة أن «بروكسيما سنتوري» هو نجم قزم أحمر نشط يقصف كوكبه بأشعة سينية تصل كمياتها إلى نحو 400 مرة عن الكمية التي تتلقاها الأرض من الشمس.
نجم «بروكسيما سنتوري» نجم أحمر قزم «فليكرز»
ويقول الباحثون إنه من غير الواضح ما إذا كان «بروكسيما بي» لديه غلاف جوي أو لا، أو إن كان هذا الجو يحتوي على العناصر الكيميائية الأساسية اللازمة لنشأة الحياة، كالأكسيجين على سبيل المثال، لكنهم لا يستبعدون أن يكون الإشعاع القادم من نجمه المركزي قد انتزع منه هذا الغلاف؛ ما يجعل من المستحيل وجود مياه سائلة على سطحه. ومع الاستمرار في دراسة هذا النظام النجمي باستخدام تقنية جديدة وأفضل؛ سيكون العلماء قادرين في المستقبل على فهم ما يدور على سطح هذا الكوكب الخارجي القريب كما يقول الباحثون.