مهرجان دبي السينمائي: "لوبيا حمراء" يثير الجدل

ضمن مسابقة "المهر العربي للأفلام الوثائقية" أثار الفيلم الجزائري الطويل "لوبيا حمرا" للمخرجة ناريمان ماري بن عامر أكثر من إشكالية، الأولى تتعلق بالطرح الفني للفيلم والحدود الفاصلة بين الوثائقي والروائي، حتى أن الأمر قد يختلط على المتلقي فيتساءل هل ينتمي "لوبيا حمرا" للوثائقي أم للروائي؟ هل الاستناد على واقعة حقيقية يجعل الفيلم وثائقي؟ وهل الاستعانة بشخصيات حقيقية يكفي لوصف الفيلم بأنه وثائقي؟ وماذا لو جعلنا الشخصيات الحقيقية القليلة جداً تمثل ولا تتصرف على طبيعتها في داخل الشريط السينمائي؟ وهل التقنيات التجريبية لسرد روايات واقعية تنزع عن الشريط هويته الوثائقية؟ إنه نقاش طويل غير محسوم، وإذا كان الأمر ملتبساً في "لوبيا حمرا"، فالأهم أنه في نهاية المطاف ينتمي إلى عالم الفن السابع بغض النظر عن تصنيفه.
الإشكالية الثانية تتعلق بمضمون الفيلم الذي يشي بأن سنوات الاحتلال الفرنسي للجزائر لاتزال تترك آثاراً دامغة وربما مغرية في آن واحد للمبدع الجزائري. ينهض الفيلم على أكتاف مجموعة من الأطفال، بنات وأولاد، يلهون ويمرحون في براءة على شاطئ البحر، وفي الشوارع والبيوت. من خلال عيونهم وذاكرتهم وأحلامهم تتعرض المخرجة لحقبة مهمة تتوازى مع نهايات الاحتلال الفرنسي للجزائر، تتعرض لقضية صراعات ومعارك استنزفت قدرات الجزائر لعقود. تقوم هذه المجموعة من الأطفال المهمشين بسرقة الجيش الفرنسي، يسرقون الزيت والشوكولاتة والسكر والسميد، وكذلك لا يتورعون عن سرقة أسير حرب، بينما يقوم جنود الجيش الفرنسي بإطلاق النار على عناصر "منظمة الجيش السري".
مخرجة الفيلم من مواليد الجزائر عام 1969. أنتجت عام 2001 أول فيلم من إخراجها بعنوان "الإحصائي" فاز بجائزة "جان فيغو" عام 2010. أسست "ألير ريتوار" لإنتاج الأفلام الوثائقية والروائية في الجزائر. "لوبيا حمرا" هو أول فيلم طويل لها، وهو أيضاً أحد أربعة أفلام جزائرية تشارك بهذه الدورة للمهرجان وهي الروائي الطويل "الدليل" للمخرج عمور حكار صاحب أول فيلم طويل بعنوان "البيت الأصفر" سنة 2006، وكذلك فيلم وثائقي للمخرجة نادية أنادر بعنوان "جذور ورجال"، إلى جانب وثائقي آخر للمخرج عبد النور زحزاح بعنوان "الواد، الواد".
تنافس الأفلام الأربعة على الجائزة الكبرى "المهر الذهبي" وسط مشاركة أهم الأفلام العربية في مختلف الفئات الطويلة والقصيرة والوثائقية، أبرزها "سلم إلى دمشق" للمخرج محمد ملص، و"مي فير الصيف" للفلسطينية شيرين دعيبس، و"سرير الأسرار" للمغربي جيلالي فرحاتي وغيرها من الأفلام.
يذكر أن السينما الجزائرية تُسجل حضوراً خاصاً في مهرجان دبي هذا العام، فإلى جانب حصول فيلم "وقائع سنوات الجمر" للمخرج الأخضر حامينا على المرتبة الثالثة في الاستفتاء على قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما العربية الذي أعده مهرجان دبي السينمائي، كما ظهرت أفلام جزائرية أخرى في هذه القائمة مثل فيلم ريح الأوراس للأخضر حامينا الذي احتل المرتبة الـ 27، وفيلم عمر قتلاتو لمرزاق علواش الذي جاء في المرتبة 29، بينما احتل المرتبة 56 فيلم "أنديجان" أو "أيام المجد" للمخرج رشيد بوشارب، وحصل على المركز 82 فيلم القلعة لمحمد شويخ.