«لن أترك ابني وحيداً في مستشفى العزل حتى وإن كان الثمن حياتي، المهم أظل سنداً وظهراً لفلذة كبدي، ولا أتخلى عنه مهما حصل، بقالنا 75 يوماً منفصلين عن باقي أفراد الأسرة منذ إصابتي بفيروس كورونا المستجد، ثم ابني الذي انتقلت له العدوى مني، لكن ثقتي في الله أننا سنخرج من الأزمة دي أقوى من الأول»، بتلك الكلمات بدأ الأب محمد الباز «46 عاماً»، موظف، حديثه شارحاً تفاصيل إصابته ونجله بكورونا.
وتحدث قائلاً: «أصبت بفيروس كورونا في أواخر شهر مارس الماضي بعد استقلالي سيارة ميكروباص، حيث تبين أن السائق كان مصاباً لتنتقل العدوى لي وعلى إثرها بدأت تظهر عليّ أعراض الإصابة بارتفاع في درجة الحرارة ثم تواصلت مع رقم وزارة الصحة المخصص 105 فقالوا لي طالما درجة حرارتك تنزل وترتفع فلست مصاباً بالكورونا، ونظراً لأن درجة حرارتي كانت مرتفعة تتراوح بين الـ 38.5 و39، قمت بإجراء أشعة مقطعية وأرسلتها لطبيب عبر الواتس فكان رده اشتباه في إصابتك بفيروس كورونا، وعليك بالتوجه لمستشفى الحميات وبالفعل ذهبت المستشفى في 4 أبريل، وتم إجراء مسحة تم التأكد من خلالها من إصابتي بالفيروس ليتم نقلى لمستشفى بلطيم المركزي، وبعدها بيومين تم نقل ابني مروان لذات المستشفى لنحجز في ذات الغرفة بعد التأكد من إصابته، وهناك تم حجزي 13 يوماً بعدما ظهرت أعراض أخرى مثل إسهال وكحة وهبوط حاد في الدورة الدموية ودوخة وانخفاض في ضغط الدم، وعقب مرور 6 أيام على احتجازي بدأت الأمور تتحسن معي وتخف الأعراض».
وأضاف الأب «تلقيت أنا ومروان أفضل معاملة بمستشفى العزل»، متابعاً «انتقلنا لمركز التعليم المدني لاستكمال رحلة العلاج ورغم تحسن حالتي وتحول المسحة إلى سلبية صممت على عدم ترك فلذة كبدي ومرافقته في رحلة علاجه ولو تمت إصابتي مجدداً مش مشكلة المهم ابني يكون في أحسن حال، وقام الأطباء باتخاذ كل الإجراءات الوقائية وحافظنا على التباعد الاجتماعي لكي أظل مرافقاً لابني، وفي الـ27 من مايو الماضي خرجنا من هناك على الرغم من شفائي قبل منه بشهر لكن كملت الرحلة معه وقمت بالإمضاء على إقرار يلزمني باستكمال مروان علاجه في المنزل وعزله منزلياً، وخرجنا بعدما بات لم تظهر عليه أي أعراض على الرغم من أن عينته إيجابية».
وتابع الباز قائلاً، «طالت فترة إصابة ابني نظراً لضعف جهاز المناعة لديه لذا أصررت على عدم تركه»، متابعاً «مينفعش حد تاني يخدمه غيري، لذا قمنا بالاستقلال بمفردنا في شقة بعيداً عن أفراد الأسرة لنستكمل العزل المنزلي، ولم تؤثر إصابته بالفيروس على دراسته حيث قدم البحث المطلوب عبر الإنترنت خلال فترة علاجه وأنا إلى جواره ألبي كل طلباته من طهو الطعام بطريقة سليمة وغسل الملابس وغيرها».
ووجه الباز رسالته للمواطنين قائلاً: «تمادي الناس في الغلط غلط نحن في ابتلاء لعلنا نستفيد منه ونصحح بعض الأمور، وكلما رددت الحمد لله ربنا يعدي الأزمة على خير وربنا كرمني برؤيتي لمحبة الناس في الدنيا، مضيفاً «شقيقي وفر لي كل المتطلبات والمعارف يتصلون ويطمئنون علينا».
أما مروان البالغ من العمر 13 عاماً فيقول: «للأسف كورونا سببت لي الكثير والكثير من المعاناة، فلم أعد قادراً على اللعب مع الأصدقاء وبات لديّ شعور بالخمول ولم أعد قادراً على التحرك، فنحو ثلاثة أو أربعة أيام أنام»، مشيراً للدور الكبير الذي لعبته زوجة عمه وكانت سبباً في توعيته ليواجه المرض، أما والده فيقول عنه «كان دائماً ما يشعرني بأنني لست بمفردي فكان داعماً لي في كل خطوات علاجي ففي بداية الإصابة كنت متوتراً للغاية ولدي شعور بالقلق لكن مساندة والدي لي واحتجازه معي منذ البداية كان نقطة فارقة في أصعب مشوار أمر به، وموجهاً رسالة لوالده شكراً يابابا وآسف على كل حاجة عملتها غلط وزعلتك مني».