في الوقت الذي كان يستعد فيه المغاربة لدخول مراحل جديدة من مخطط تخفيف الحجر الصحي. صُدم العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالرقم الجديد للمصابين بفيروس كورونا، والذي وصفه البعض بـ«المفزع»، كما عبر آخرون عن استيائهم من الحكومة؛ إذ طالبوها بتقديم تفسير لأسباب هذا الارتفاع في عدد الإصابات.
وقالت وزارة الصحة المغربية إنها سجلت أمس الجمعة 539 إصابة جديدة بالفيروس المستجد، وهي أعلى حصيلة يومية منذ ظهور الوباء بالمملكة مطلع مارس الماضي، معظمها في مصنع للفراولة في بلدة لالة ميمونة شمال غرب البلاد بإقليم القنيطرة. وأضافت الوزارة أنه عقب إصابات الجمعة ارتفع إجمالي المصابين إلى 9613 شخصاً، توفي منهم 213، في حين تفوق نسبة التعافي 84%.
وكشفت رئيسة مصلحة الأمراض الوبائية بمديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة هند الزين، خلال التقرير الصحافي اليومي حول الوضعية الوبائية بالمغرب، أن أغلب الإصابات الجديدة تم تسجيلها في البؤرة المهنية «لالة ميمونة»، بجهة الرباط- سلا- القنيطرة (457 إصابة)، وهي البؤرة التي تضم 4 مصانع لتصدير الفراولة تابعة لشركة إسبانية.
وأكدت أن الإصابات التي تم اكتشافها لم تظهر عليها أعراض المرض، وقد تم تعزيز الكشف المخبري داخل هذه البؤرة.
وذكرت المسؤولة المغربية عدد الإصابات دون تقديم تفاصيل أخرى أو الإجابة عن الأسئلة التي بات يطرحها المواطنون بشأن أكبر بؤرة وبائية في المغرب، ومدى تأثيرها على استكمال مراحل تخفيف إجراءات الحجر الصحي.
استنكار
الناشط الاجتماعي بالإقليم بلعيد كروم، قال إن «الأرقام القياسية التي تم الكشف عنها صباح أمس بمدينة القنيطرة تم تسجيلها في صفوف عاملات وحدة صناعية للفريز( الفراولة) تدعى «فريگودار»، ولازالت نتائج تحاليل المئات من العينات لم تظهر بعد». وأضاف في تدوينة له على فايسبوك: «هذا الارتفاع الصاروخي في عدد الإصابات أربك حسابات الدولة بعدما أضحى المستشفى الميداني العسكري بمدينة «بن سليمان» غير قادر على استقبال أعداد المصابين، وهو ما دفع البعض إلى المطالبة بإنشاء مستشفى مماثل بمحافظة «لالة ميمونة» طالما أن العدد مرشح للارتفاع في القادم من الأيام بسبب غياب الصرامة وحالة الفوضى التي كانت تسود المنطقة طيلة فترة الحجر الصحي وإلى حدود صباح هذا اليوم، حيث لم تبادر السلطات المحلية إلى إغلاق المنطقة وفرض المراقبة الصارمة على حركة التنقلات بينها والجماعات والمدن المحيطة بها إلا في الساعات القليلة الماضية، أي بعد الإعلان عن اكتشاف 164 حالة جديدة هذا الصباح». وكتب الإعلامي رضوان الرمضاني تعقيباً على الحدث: «أنا كمواطن مغربي لن أقبل أن تحسب تكاليف التحاليل في البؤر المهنية من المال العام... صاحب ضيعات الفراولة والذي كان السبب في انتشار الفيروس في صفوف العمال هو الذي يجب أن يتكلف بمصاريف العلاج، بدل الدولة لأنها إن سمحت بذاك فسوف تساهم في الاستهتار، من غير الممكن أن يجمع أصحاب الضيعات المال ويساعدوا في نشر المرض فيما يتركوننا نحن من نحاسب على فاتورة العلاج».
من جانبه، قال الصحافي خالد غازي إنه «يجب فتح تحقيق في عدم إغلاق سلطات الداخلية لمعمل «الفريز» الفراولة «بلالة ميمونة» الذي سجل أكثر من 200 إصابة بين النساء العاملات في حقول «الفريز» وتساءل «هل يفضل المسؤولون إنقاذ محصول الفريز لصاحب المصنع ويضحون بحياة النساء الفقيرات العاملات مقابل أجرة رخيصة؟».
نداء لحماية نساء الفراولة
«فيدرالية رابطة حقوق النساء» وجهت للمرة الثانية نداءً للالتفات للشغيلة النسائية التي تعمل بنسبة كبيرة في جني الفراولة وفرزها، لكن هذه المرة للبرلمانيين والبرلمانيات من أجل مساءلة الحكومة في ظهور البؤر المهنية وتحديد المسؤولية في وقوعها بهذا الحجم مع بدء عملية تخفيف الحجر الصحي الذي لا زال يتطلب توفير المزيد من الإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية الضرورية.
البيان سلط الضوء أيضاً على الظروف الصعبة المرتبطة بعمالة النساء داخل الضيعات الفلاحية والوحدات الصناعية، وما يطغى على جزء هذا القطاع الإنتاجي «المهيكل» من تجاوزات وتهرب بعض أرباب الشركات والضيعات من تنفيذ الاتفاقيات والقوانين الجاري بها العمل في مجال الشغل اللائق الذي يصون حقوق وكرامة العاملات.
تخوف من الفراولة
بعد كل هذه الأرقام حول الإصابات التي ارتفعت لدى العاملات في حقول الفراولة، هل سوف تجعل البعض منا يتنازل عن تناول فاكهته المفضلة خوفاً من الإصابة بالرغم من هيئة سلامة الأغذية الأوروبية EFSA كانت لها آراء مختلفة في تقريرها عن الفراولة قبل سنوات، حينما أفادت أن أضرارها لا تكمن في عناصرها الغذائية بل إن الأيدي البشرية لعبت دوراً خطيراً في تحويل منافعها إلى أضرار بسبب امتصاص فاكهة الفراولة للمبيدات الحشرية بنسبة كبيرة جعلها تحتوي على مواد مسرطنة. ما يجعل الإسراف في تناولها عبئاً على الصحة العامة. وتقول الدكتورة وئام قلعيو أستاذة جامعية في علم البيولوجيا لسيدتي نت، إن الفراولة فعلاً فاكهة حساسة ورطبة وقابلة لامتصاص المبيدات بسرعة، كما أنها قد تتعرض لفيروس الكورونا إن كان العاملون أصيبوا بكثرة، لكن لا شيء يؤكد مدة حياة الفيروس في الفاكهة، خاصة أن الدراسات المخبرية لم تثبت أن كورونا يحيا كثيراً على الأسطح، كما أن نتيجة التحليل في المختبر بظروف معينة تتحكم فيها درجة الحرارة والجو العام للتجربة، ليست نفسها تلك التي سنجدها خارج المختبر، أظن أن المسألة لا تستدعي منا كثيراً من التهويل، ووجب الحفاظ على التنظيف الجيد للفواكه عامة باستعمال محلول جافيل والماء، فالتعايش مع الفيروس هو الحل بخلق نظام احترازي وقائي مستمر دون السقوط في الهلع الذي يؤثر على جهاز مناعتنا ككل.