يُعد ذبح الأضاحي من أهم سنن عيد الأضحى ومظاهره؛ ففي هذا الوقت يبدأ المضحون شراء الأضحية أو على الأقل التفكير والترتيب لمثل هذه السُنة وإعداد العدة لها، فالبعض يشتريها قبل العيد بفترة ليقوم بتغذيتها ورعايتها حتى يتمكن بالتضحية وتوزيع قدر أكبر من لحمها، في ما يؤثر البعض شراءها قبل التضحية بفترة وجيزة؛ لعدم توافر المكان المناسب لرعايتها وما نحوها من الأسباب، وأياً كان السبب أو الحال، فتنبغي معرفة على مَن تجب الأضحية: هل على كل مسلم منا جميعاً أو على أشخاص بعينهم؟
على من تجب الأضحية
قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي مصر إن الأضحية سنة للقادر عليها، وهو مَن مَلَكَ ما تحصل به الأضحية، وكان ما يملكه فاضلاً عمَّا يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده أو من يلتزم بنفقتهم في يوم العيد وليلته وأيام التشريق الثلاثة ولياليها، قال الإمام النووي في «المجموع»: «مَذْهَبنا أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَلا تَجِبُ عَلَيْهِ»، والأضحية شعيرة وسنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس لها علاقة بوجود الحج من عدمه.
يلزم الحاجَّ المتمتعَ والقارنَ -من يؤدي العمرة والحج- ذبح هديٍّ يُعطى لفقراء الحرم، فإن لم يجد صام عشرة أيام، ثلاثة منها في الحج وسبعة ببلده بعد الرجوع، فقال الله تعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» [البقرة: 196].
والأُضْحِيَّة سنة، فإذا حج الإنسان متمتعاً أو قارناً وأراد أن يضحي في مكة؛ جاز، أو أوكل من يضحي عنه في بلده جاز ذلك أيضاً، قال الإمام النووي في «المجموع»: «قال الشافعية: الأُضْحِيَّة سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى، وأهل السفر والحضر والحاج بمنى وغيرهم، من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي».
أما عن شروط المضحي في عيد الأضحى المبارك، فيقول الدكتور مجدي عاشور: اشترط العلماء للمُضحي عدّة شروط، وبيانها في ما يأتي:
شروط المضحي
1- الإسلام: تصحّ الأضحية من كلّ مسلم حُرٍّ، ولا تصحّ من غيره، وقد اختصّت عبادة الأضحية بالمسلم؛ لأنّها قُربة إلى الله -تعالى- يتعبّد له بها.
2- البلوغ: يُشترَط أن يكون المُضحّي بالغاً، وذهب المالكيّة إلى كونها سُنّة في حقّ الصغير، ورأى الحنفية أنّها واجبّة في حقّ الصغير إن كان ذا مال، ويُضحّي عنه أبوه، أو وصيّه، ويُسَنّ له أن يأكل من أضحيته، وذهب بعضهم إلى أنّها لا تجب على الصغير من ماله، وهي غير مسنونة للصغير عند الشافعية، والحنابلة.
3- المقدرة الماليّة: يرى الحنفية أنّ المقدرة الماليّة شرط من شروط المُضحّي، وتسقط عن العبد دون الحُرّ؛ لأنّ العبد لا يملك شيئاً، والمقدرة المقصودة هنا أن يمتلك الذي ينوي الأضحية النِّصاب الزائد على حاجته اليوميّة، وعرّف الشافعية المقدرة الماليّة بأن يملك المُضحّي في يوم وليلة النَّحر وأيّام التشريق ما يزيد على حاجته وتحصل به الأضحية، ورأى المالكيّة أنّ القادر هو من لا يحتاج إلى ثمن الأضحية لأمر ضروريّ، ورأى الحنابلة أنّ القادر هو من يستطيع أن يُحصّل ثمن الأضحية حتى لو استدان ثمنها إن علم أنّه قادر على سداد دَينه.
4- غير حاجّ: يشترط المالكية ألّا يكون المُضحّي حاجّاً؛ إذ إنّ السنّة للحاجّ الهَدْي وليس الأضحية، وقد انفرد المالكيّة بذلك الشرط عن باقي الفقهاء.
5- الإقامة: اشترط جمهور الفقهاء الأضحية على المُسافر كالمُقيم، في حين انفرد الحنفية في سقوطها عن المُسافر فلا تجب عليه؛ أي أنّهم اشترطوا أن يكون الشخص مُقيماً؛ والسبب في عدم وجوبها على المسافر عندهم أنّه يشقّ على المسافر تحصيل أسباب الأضحية.
6- يُستحبّ على من أراد أن يضحي ألا يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره منذ بداية الأيام العشر من ذي الحجة حتى يتم الذّبح.
7- يحرّم على المضحي بيع أي جزءٍ من الأضحية حتى شعرها وأظافرها.
8- ويحرّم إعطاء من ذبح الأضحية جزءاً منها بوصفه أجراً على عمله، وإنّما يجوز إعطاؤه على سبيل الهدية أو الصّدقة.