حكاية قبل النوم عادة جميلة تحرص عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، ويسعد بها الأطفال بقربهم من والدتهم، وحتى تكبر قلوبهم بالمعاني الجميلة، وقصة"عاليا" وفستان العيد واحدة من القصص التي تهدف إلى دفع الطفل للتعاون وحب الخير، وتوزيع الفائض من الحاجات على الفقراء والمحتاجين
أنهت "عاليا" إفطارها بسرعة، وجرت إلى غرفة نومها لتستعد للنزول مع أمها لشراء فستان العيد، وحذاء العيد.. وحقيبة العيد و..و.. السعادة تقفز بداخلها، والفرحة تملأ عينيها وملامحها، ولنتركها لتعرفنا بنفسها : أنا "عاليا"، عمري 12 عاماً، بالصف السادس الابتدائي، أعيش مدللة وسط عائلتي؛ أبي يحبني وإخواني الصبيان يهتمون بي، وأمي تميزني في المعاملة ولا ترفض لي طلباً؛ فأنا الابنة الوحيدة على 3 أبناء
دخلت غرفتي وخلعت بيجامتي، وبدأت أختار ما سأرتدي، فتحت الدولاب وكان مزدحماً؛ وفجأة أطلّ الفستان الأخضر من أحد الأركان وهمس لي: "أين أنت؟ مضت فترة من الزمان وأنت لا تختارينني!"، وحين لمست البنطلون الأحمر وجدته حزيناً لا يتكلم، وكنت نسيته بعد أن فقد أحد أزراره وأصبح صعب الارتداء!، وحين قررت ارتداء أحد "البلوفرات" الصوف وجدته ضيقاً لم يعد يناسبني!، ولم يعجبني كذلك القميص الأبيض.. فقد كان يغطيه الاصفرار لطول رقاده بالدولاب!
وقبل أن أغلق الدولاب، سمعت همساً أو صوتاً يختنق.. وكأنه لا يستطيع التنفس من كثرة ما فوقه وتحته من ملابس، والأحذية والحقائب شعرت بها تجلس صامتة لا تشتكي حالها أوإهمال صاحبتها لها، وأخيراً ارتديت واحداً من الفساتين وذهبت إلى أمي.. ولكنني كنت قلقة مشغولة البال!
وفي "ألمول" وداخل دكان الملابس والحاجات زاغت عيناي.. أريد شراء كل الأشياء، هنا أوقفتني أمي وقالت:عليك باختيار فستان وبنطلون وقميص واحد وحذاء يتناسب وحقيبة، هكذا أخبرني والدك وأعطاني مبلغاً محدداً من المال، اشتريت ورجعت البيت فرحة مسرورة
وأمام المرآة بغرفتي وضعت الفستان على صدري، وتخيلت قدوم العيد، ثم ارتديت البنطلون والقميص الجديد، رجع أبي من عمله وشاهد ما اشتريت، وفرح إخواني وهنئوني، ولكن فرحتي لم تكن كاملة، ولا أعرف لذلك سبباً؛ هل الفساتين المزدحمة بالدولاب وهمسها لي من دون كلمات أشعرني بالضيق؟! أم أن معرفتي بأن كثيرات يحتجن ولو قطعة واحدة من هذه الملابس قد أغضبني! وهل تناسيت زميلتي بالمدرسة التي خاصمتني؛ بعد أن رفضت أن أعيرها فستاناً لتحضر به عرس أختها!
هنا ..ركضت نحو أمي وأخبرتها: بقي يومان ويأتي العيد، هل يغضبك يا أمي لو قمت بتوزيع بعض من ملابسي؟ هل يضايقك أن ننزل معا غداً لنزور بعض الصديقات؟ وأنت يا أبي.. هل تراني مخطئة، سوف أسبب حرجاً لهنّ أم أنا على صواب؟ فرد أبي في الحال: ما أجمل الخير حين تعطينه - تنفقينه- تقدمينه بصدق ومما تحبين، وهذا ما تفعلينه يا "عاليا"
وبعد أن أيدتني أمي وشجعني أبي، كان الصباح موعدنا -اخترت ما أرغب في توزيعه وجمعته في حقيبة- ونزلنا أنا وأمي وتم التوزيع بنجاح والحمد لله، وما تبقى من الحاجات ذهبنا بها لإحدى ديار الأيتام، كنت أشعر وكأننا نوزع الفرحة والبشر والأمان على قلوب المحتاجين والمحتاجات .وأنت ياصديقتي ..هل قررت فتح الدولاب وتقليد "عاليا"، والاستماع لهمس ملابسك المزدحمة بالدولاب؟