الطلاق قرار يتخذه أحد أو كلا الزوجين يقضي بفسخ عقد الزواج وانفصالهما، وتغيير أدوار ومسؤوليات كل منهما في حياة الآخر، وقد يكون القرار صعباً ويُصاحبه العديد من التأثيرات الجانبيّة التي تُغيّر حياة جميع أفراد الأسرة خاصة عند وجود الأطفال -وهو موضوعنا- لكنه أحياناً يكون صائباً ويُحقق الاستقرار والتوازن الأسري من جديد، حول تأثير الطلاق على الأطفال وطرق معالجته ومحاولة تأقلم الأطفال معه واستيعابه تحدثنا مستشارة الأسرة الدكتورة عنايات وافي أستاذة الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية.
حياة الطفل قبل وبعد الطلاق
الطفل يكون بأمان، عندما تكون البيئة التي ينشأ بها صحيّة وخاليّة من النزاعات والخلافات، ويهتم كلا الأبوين بسعادة أطفالهما؛ بحيث يتناوبان رعايتهم وتوعيتهم، والعمل يداً واحدة من أجل مصلحتهم ومستقبلهم
ولكن عندما يقرر الآباء الانفصال بسبب فتور العواطف بينهما؛ فإن الطفل لا يكون بأمان، تكون الصدمة عليه كبيرة، وكأن العالم انقلب رأساً على عقب، وهذا يتوقف على عمر الطفل، وطريقة الانفصال.
تأثير الطلاق على الطفل
- الإحساس بالخسارة، الانفصال عن الوالدين في نظره لا يعني فقدان المنزل بل فقدان حياة بكاملها.
- الشعور بعدم انسجام مع عائلة فرض عليه العيش معها؛ عائلة الأب كانت أو عائلة الأم.
- يساوره القلق حول العيش وحيداً بعد غياب أحد الوالدين فقد يفقد الآخر. والشعور بالحقد والغضب تجاه أحد الآباء الذي يعتقد أنه كان سبب الانفصال
- الشعور بفقدان الأمان والنبذ والإحساس بأنه مشتت بين الوالدين من المهم أن لا تضع أطفالك في بؤرة الصراع.
- معظم الأطفال يحتاجون وقتاً طويلاً لكي يعودوا إلى حالتهم الطبيعية حتى لو عاد الوالدان إلى العيش سوياً.
إرشادات مفيدة للتعامل مع الطفل
- عدم الطلب من الطفل أو المراهق أن ينحاز إلى أحد الوالدين.
- لا تسأل طفلك عما يفعله أبوه أو أمه، أحد طرفي الصراع.
- عدم استخدام الطفل كسلاح لتهدد به الطرف الآخر مثل، حرمانه من الطفل.
- لا تنقد الشريك الآخر أمام الطفل.
- لا تتوقع من طفلك أن يحل محل الشريك الآخر، مثل تكلفته بأمور وواجبات.
المشاكل العاطفية والسلوكية لطفل الطلاق
- أولاً: قد ينزع الطفل إلى سلوك طفولي عادي، فينتمي إلى مرحلة عمرية أدني (النكوص) مثل التبول الليلي، الحدة والقلق والعناد، وعادة يحدث هذا السلوك قبل أو بعد لقاء الأب المنفصل أو الذي يعيش بعيداً عن الطفل.
- ثانياً: كل الآباء الذين انتهت علاقاتهم فعلاً بالطلاق أو الانفصال عليهم أن يقدموا المساعدة والعون لأطفالهم.أن يشعروا الطفل بأنه لا يزال يعيش في كنف والدين يغمرانه بالحب والرعاية بصورة مستمرة.
- ثالثا: يكونان عوناً لأطفالهما لما قد يواجهونه في مرحلة البلوغ من قلق وحيرة ومسؤوليات.
- رابعا: أن يوضح الوالدان للطفل أن مسؤولية ما قد يحدث لأطفالهما تقع عليهما وليس على أطفالهما.
نصائح لكل أب
- تكلم مع طفلك بصراحة ووضوح؛ لأنه يريد أن يعرف ما يحدث حوله ويشعر بأن من حقه إبداء رأيه أو الاستفسار عن شيء.
- اجعل أطفالك يشعرون باطمئنان بأنهم ما يزالون موضع حب ورعاية وعناية الأبوين.
- امضِ بعض الوقت مع طفلك، وكن دقيقاً وملتزماً بمواعيد وتوقيتات رؤية الطفل.
- أبدِ اهتمامك بوجهة نظر طفلك أو ولدك البالغ ولكن القرارات تؤخذ من قبل الآباء.
- امضِ قدماً في نشاطاتك والتزاماتك الاعتيادية اليومية مثل لقاء الأصدقاء أو بقية أفراد العائلة.
تأثيرات الطلاق على شخصية الطفل
- ينتج عن الطلاق تأثيرات مُتباينة تختلف من طفلٍ لآخر، حسب طبيعته ونُضجه اعتماداً على عمره، وعلى طريقة انفصال الوالدين ودورهما في زيادة تقبّله لهذا القرار، وشعوره بالارتياح بعده، ومن آثار الطلاق على الأطفال
- قد يواجه الأطفال صعوبة في السيطرة على مشاعرهم وتقبّل قرار الانفصال، فيتأثرون به نفسيّاً وعاطفيّاً؛ كالشعور بالحزن والأسى وعدم التكيّف مع انفصال الوالدين.
- تختلف هذه المشاعر بحسب نُضج وفهم الطفل للأمر، فقد يظن الأطفال في سنٍ صغيرٍ أنهم سبب الانفصال، ويشعرون بالألم والذنب، أما الأطفال الأكبر سناً فتختلف ردود أفعالهم.
- القلق والإجهاد النفسي بسبب التفكير المُتكرر والدائم بأسباب انفصال الوالدين وعدم فهمها جيّداً، فقد يظن الأطفال أن والديهم سيتوقفان عن حبهم.
- فقد سبق وتوقفا عن حبّ بعضهما وافترقا بالنهايّة، وهذا يؤثّر على مشاعرهم الداخليّة ويزيد من شعورهم بالإحباط والخوف والتوتّر.
علامات التأثير الاجتماعي
- مثل؛ ضعف قدرة الاتصال لدى طفل، وعجزه عن التفاعل مع والديه، ومع الأفراد الآخرين المُحيطين به بسبب المشاعر السلبيّة التي تظل عالقة به.
- يكتسب بعضها من النزاعات والبيئة غير الصحيّة التي كان يعيش بها سابقاً، أو الناجمة عن تغّيرات ما بعدالطلاق؛ كارتباطه وتفاعله مع أحد والديه فقط وابتعاده عن الآخر.
- يؤثّر الطلاق على نشأة وعلاقة الطفل المُستقبلية مع مرور الوقت؛ الأطفال الذين نشئوا في ظروف الطلاق تكون علاقاتهم الزوجيّة لاحقاً أكثر عرضة للطلاق أيضاً.
- انعدام الثقة والأمان في الشُركاء لديهم، إضافة لافتقارهم لبعض المهارات الاجتماعيّة المُكتسبة من الأسرة، ونقص العواطف والمشاعر الجميلة واستبدال مشاعر أكثر سلبيّة بها.
- عدم قدرتهم على حل الخلافات الزوجيّة ومُعاناتهم من مشاكل تُشبه مشاكل ذويهم، وهو ما يُعرف نفسيّاً بنظريّة «النمذجة الأبوية» أي السير على نموذج مُشابه للآباء.
التأثير الصحي والسلوكي
- رُبما ينعكس الطلاق على صحة وسلوك الأطفال النفسي والاجتماعي في بعض الحالات مثل: زيادة مشاكل الصحة العقليّة للأطفال، ومنها الاكتئاب، والمشاكل النفسيّة الأخرى الناجمة عن القلق، والإجهاد، والتوتر.
- حدوث مشاكل واضطرابات سلوكيّة مختلفة، كالجنوح، والعنف، واللجوء للاشتباك والصراع مع باقي الأطفال من عمرهم، وقد تكون هذه التصرفات بغرض التنفيس عن الاستياء والغضب، والتعبير عن المشاعر السلبيّة.
- لا يقتصر تأثير الطلاق على الأطفال البالغين ومتوسطي الأعمار، بل قد يتأثر به الأطفال صغار السّن والرّضع أيضاً، حيث إنّهم لا يُدركون حقيقة الأمور من حولهم، ولا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم.
- الطفل في هذا العمر قد يفتقد والديه بشدّة، ويُعاني من الصعوبات والآثار الناتجة عن الانفصال عن أحدهما أو كليهما، كالشعور بالغضب، والبكاء المُتكرر والمُزعج
- تراوده الأحلام المُزعجة أيضاً، فيستيقظ ويبكي طويلاً في ساعات الليل المُتأخرة، إضافة للشعور بالخوف وانعدام الأمان بسبب فقدان والديه، أو الاشتياق لهما.
نصائح للحد من آثار الطلاق على الأطفال
شرح وبيان الموقف للأطفال القادرين على الفهم والاستيعاب، والتأكيد على أن قرار الانفصال لا يهدف إلى قلب وتغيير حياتهم، بل إنه يدعم استقرارهم، ويُساعدهم على العيش براحة وهدوءٍ أكبر بعيداً عن الخلافات.
وقوف الأبوين جنباً إلى جنب أمام الأطفال وتكاتفهما معاً في الإجابة عن أسئلتهم، وطمأنتهم، وسد الثغرات المُبهمة التي تُسبب لهم الخوف والقلق من المُستقبل، والاجتهاد قدر الإمكان في جعلهم مُرتاحين وآمنين.
منح الأطفال المزيد من الاهتمام والرعاية
- ومحاولة مُشاركتهم الأنشطة الجديدة التي تُخرجهم من أجواء الخوف والاكتئاب بسبب تغيّر ظروف الحياة، ومكان السكن، والمدرسة، وغيرها، بحيث تُساعدهم على بدء حياة جديدة.
- التأكيد على احترام الأبوين لبعضهما، وبشكلٍ خاصٍ أمام الأطفال، وتجنّب الإساءة لأي منهما، أو شتمه والتحدث عنه بصورة غير لائقة في غيابه أمام الطفل
- مُشاركة الوالدين في بعض المُناسبات الخاصة والتي قد تعني الكثير للأطفال، كأعياد الميلاد، أو احتفالات التخرج، وغيرها من الأوقات التي يرغب فيها الأطفال بوقوف ومُشاركة كلا الوالدين بها.
- التناوب في دور الحضانة، وعدم إلقاء العبء على الزوج الذي سيعيش معه الطفل، بل الاستمرار في لقائهم، وزيارتهم، أو اصطحابهم للتنزه والاتصال بهم دائماً، وعدم إشعارهم بالابتعاد، أو تخلي أحد الوالدين عنهم.
- مُحاولة ضبط روتين الأطفال اليومي المُنتظم، والسير عليه دون تغيير خاصة في غياب الحزم الذي كان يُقدمه الطرف الآخر، أو عند تغيير المكان، وبالتالي الحفاظ على مواعيد النوم، والدراسة، وحل الواجبات المنزليّة.