رغم وجود عقبات كثيرة لاتزال تكتنف المشهد السينمائي الخليجي لكن من يتأمل الأفلام الخمسة عشر (حالة غروب، الجارة، نفاف، الليلة، حنين، الفتاة وهو، الإيمان بالحب، لا تخليني، لا تحكم على موضوع من خلال الصورة، كتمان، بحر، 13:37، البيت متوحد، أحمر أزرق أصفر، أنشودة العقل)، والتي تشارك في مسابقة المهر الإماراتي بمهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة سيلمس تطوراً مشهوداً على وضعية السينما الخليجية بشكل عام والإماراتية بشكل خاص، خصوصاً أن هناك أسماء أثبتت جدارتها خلال الأعوام الماضية مثل المخرجة "نجوم الغانم" صاحبة "أمل" و"حمامة" والتي تشارك هذا العام بفيلم "أحمر أزرق أصفر".
كما تعود "نايلة الخاجة" بفيلم "الجارة" وهى أول منتجة ومخرجة سينمائية إماراتية، ومن أعمالها السابقة "كشف النقاب عن دبي" و"عربانة"، و"مرة" (2009) و"ملل" (2010) الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة المهر الإماراتي من مهرجان دبي السينمائي الدولي، وكان المهرجان قد رشحها لنيل لقب "أفضل مخرج إماراتي"عام 2007. أما فيلمها الجديد "الجارة" فيأتي ﺿﻤﻦ ﺣﻤﻠﺔ "روح دبي"؛ وتدور أحداثه حول ﺳﺎرة اﻟتي انتقلت للعيش في دبي وهي تنشد بداية جديدة لحياتها بعد أن تركت خلفها تجارب محزنة أثرت على حياتها وعلاقتها بالناس. وسيظل شعورﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﺰﻟﺔ والوحدة يؤرقها ويلازمها في العمل واﻟﺒﻴت إلى أن ﺗﻘﺮع ﺑﺎﺑﻬﺎ اﻣﺮأة إﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻣﺴّﻨﺔ فتتبدل الأحوال.
كذلك يشارك اﻟﻤﺨﺮج اﻹﻣﺎراتي ﻋﻠﻲ مصطفى - صاحب الفيلم الروائي الطويل "دار الحي" بفيلم ﻗصير يحمل عنوان "لا تحكم على موضوع من خلال الصورة” والذي يتعرض للمشهد الفني والتشكيلي الصاخب في دبي، إذ تحاول العارضة الفنية مها في إطاره أن تخلق انطباعاً جيداً لدى الكاتب الهندي بوبي ديلون، وهو الناقد الفني صاحب السمعة الأكثر شراسة في دبي، حيث لم يسبق له أن أشاد نقدياً بأي معرض فني أقامته مها في دبي. لكن عندما تظهر أمل المصورة الإماراتية الهاوية تنال تقدير أساتذتها لموهبتها، وتكتشفها مها فتتيح لها فرصة عرض أعمالها لما بها أصالة وموهبة لافتة، وهنا يقع بوبي ديلون في صراع داخلي عنيف عندما يرى صورته في لحظة شديدة الخصوصية مع خالقه بتوقيع الفتاة الشابة أمل.
الأفلام الخمسة عشر متنوعة في موضوعاتها ومتفاوتة في أهميتها وقيمتها الفنية، وقد تختلف حولها الآراء، لكن المؤكد أنه من خلال المقارنة سيدرك المتابع لتك السينما على مدار السنوات التسع السابقة من عمر المهرجان أن هناك خطوات تواصل تقدمها بثبات إلى الأمام، أن أدوات المخرجين الشباب تطورت بدرجة لافتة خصوصاً في اشتغالهم على العديد من القضايا التي تسلط الضوء على المجتمع الإماراتي المتميز بتعدد ثقافاته وانفتاحه على العالم، واهتمامهم باللغة البصرية للأعمال التي يقدمونها، وتطور حساسيتهم لتوظيف الموسيقى مثلما في "لا تخليني" للمخرج خالد محمود، أو حتى تخليهم عنها في بعض الأفلام كما في شريط "كتمان" للمخرجة المتميزة منى العلي التي تبشر بمستقبل واعد. ولا شك أن مهرجان دبي لعب دوراً أساسياً ومحفزاً إيجابياً في ذلك الإنجاز بما قدمه لهؤلاء الشباب من المخرجين والمخرجات إذ كان نافذة مهمة لخروج أعمالهم إلى النور عبر منصات العرض، وبما تم توفيره طوال الدورات المختلفة من تدريب واحتكاك بذوي الخبرات والتجارب السينمائية المتباينة والمتنوعة في ثرائها.