تمضي الأيامُ بسرعتها، وكأنَّها رمالٌ، تتسرَّبُ من بين الأصابعِ. عامٌ مضى على تحوُّلِ "سيدتي" من إصدارٍ أسبوعي على مدى 42 عاماً منذ الانطلاقةِ المباركةِ للمجلَّةِ في 1981 إلى إصدارٍ شهري، وبرؤيةٍ متجدِّدةٍ بعطائها، ومحتوى متنوِّعٍ، يواكبُ المُتغيِّراتِ التي تعيشها المرأةُ، والأسرةُ العربيَّةُ محلياً وإقليمياً.
سُعدنا بأن يأتي تحوُّلنا العامَ الماضي في سبتمبر، الشهرُ الذي نحتفي خلاله بمناسبةٍ عظيمةٍ، وغاليةٍ على قلوبِ الجميعِ، اليومُ الوطني السعودي. اليوم، وبعد عامٍ مليءٍ بالتحدِّياتِ، التي زادت شغفَ فريقِ "سيدتي" المتفاني، وجهودَه المبذولةَ بلا حدودٍ، نضعُ بين أيديكم عددَ سبتمبر 2024، وخصَّصناه لليومِ الوطني السعودي الـ 94.
يضمُّ العددُ عناصرَ، تُشكِّلُ قيماً، ترتكزُ عليها رؤيةُ المجلَّةِ، ورسالتُها. أعددنا ملفاً عن جمعيَّةِ النهضةِ، التي أسَّستها الأميرةُ سارة الفيصل، القدوةُ العظيمةُ في العطاءِ، حيث سعت على مدى 60 عاماً إلى تعزيزِ مكانةِ المرأةِ السعوديَّةِ، لتكونَ شريكاً فاعلاً في المجتمعِ من خلالِ برامجِ الجمعيَّةِ، التعليميَّةِ والتوعويَّةِ والتدريبيَّةِ. التقينا ثلاثَ سيِّداتٍ رائداتٍ في الجمعيَّة، هنَّ الأميرةُ موضي بنت خالد بن عبدالعزيز، رئيسةُ مجلسِ الإدارةِ، والأميرةُ بسمة بنت ماجد بن عبدالعزيز، عضوةُ الجمعيَّةِ، والأميرةُ نورة الفيصل، الرئيسةُ التنفيذيَّةُ لمؤسَّسةِ "فنون التراث" التابعةِ للجمعيَّةِ، التي تهدفُ إلى إبرازِ الهويَّةِ الوطنيَّةِ، وتعليمِ الفنِّ التقليدي، والحِرفِ اليدويَّةِ. أجمعت السيِّداتُ على أن جمعيَّةَ النهضةِ، تمثِّلُ نموذجاً ريادياً لتمكينِ المرأةِ، التي تعدُّ نواةَ الأسرةِ، وأوضحن أن التطوُّعَ، ينبعُ من داخلِ الإنسانِ، إمَّا بجهدٍ، أو بعلمٍ، أو بخبرةٍ.
وفي المسارِ نفسه الذي يُعنى بدعمِ الوطنِ بشتَّى الطرقِ، تجدون على الغلافِ البروفيسورةَ السعوديَّةَ مناهل ثابت، التي استضفناها في لقاءٍ حصري
لـ "سيدتي"، أجريناه في منزلها حيث استقبلت الفريقَ كاملاً للعملِ على هذا المشروعِ. ولعلَّ الجديرَ بالذكرِ، أن أبوابَ البروفيسورةِ، كانت موصدةً أمامَ الإعلامِ، لكنَّ مفتاحَ الصداقةِ والمودَّةِ بيننا، وهو ما أفتخرُ به، أتى بمفعولِه السحري، وشرَّع بابَ الدخولِ إلى حياتها، لنشارِك قُرَّاءَنا الأعزَّاءَ، ومتابعينا المخلصين حواراً من القلبِ حولَ العلمِ، والحياةِ، والوطنِ والعطاءِ.
خدمةُ الإنسانيَّةِ، هو الجوهرُ الذي كشفت عنه البروفيسورةُ بشفافيَّةٍ خلفَ الألقابِ التي تحملُها، إذ إنها قامةٌ علميَّةٌ بارزةٌ عالمياً، وحاصلةٌ على شهادةِ الدكتوراه في الهندسةِ الماليَّةِ، والدكتوراه في الرياضيَّاتِ الكمُّوميَّةِ، كما تمَّ تعيينُها مبعوثاً خاصاً للأمينِ العامِّ لاتحادِ دولِ الكومنولث في مجالَي العلومِ والتكنولوجيا، وتشغلُ منصبَ مستشارةٍ لرئيسِ مدينةِ الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيَّة، وهي أيضاً عضوةٌ في الجمعيَّةِ الملكيَّةِ البريطانيَّةِ للعلوم، ونائبةُ رئيسِ شبكةِ الذكاءِ العالميَّة WIN، أكبرُ منصَّةٍ للذكاءِ العالي في العالمِ. ألهمتنا حقاً بقولها: "خلفَ الألقابِ، أنا مثلَ أي امرأةٍ طموحةٍ، ترى في العلمِ نافذةً للأملِ، وفي العملِ الدؤوبِ طريقاً لتحقيقِ الأحلامِ". مبيِّنةً أنها تسعى دائماً إلى تقديمِ الأفضلِ للعالمِ.
رأسُ الحكمةِ أن يُصدِقَ الإنسانُ نيَّته، وأن يُخلِصَ في عمله، وأن يكونَ أميناً على ما منَّ الله عليه من هِباتٍ وإمكاناتٍ، ويُسخِّرها لخدمةِ دينه، ثم قيادته، ووطنه، والبشريَّةِ جمعاء.