ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالاحتفاء بالدكتور محمد مشالي طبيب الغلابة منذ الإعلان عن خبر وفاته داخل عيادته الطبية المتواضعة في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وبعد وفاته بساعات أعلنت جامعة الأزهر أنه طبقاً لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، إطلاق اسم (طبيب الغلابة)، على دفعة طب بنين القاهرة لعام 2020، تكريماً له، وتقديراً لدوره الاجتماعي والإنساني، وليكون قدوة لشباب الأطباء في أداء الرسالة العظيمة للطبيب في مداواة البسطاء.
جثمان «طبيب الغلابة» وورى الثرى في قرية «ظهر التمساح» بمحافظة البحيرة، لتشييع جثمان الدكتور محمد مشالي المعروف بـ«طبيب الغلابة»، بعد وصول جثمانه من مدينة طنطا التى كان يقيم فيها من أجل دفنه في مقابر أسرته، بحضور وفود من المحافظة ونقابة الأطباء ووزارة الصحة المصرية.
ونعى فضيلة الإمام الأكبر الراحل: «رحم الله طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي، وأسكنه فسيح جناته، ضرب المثل في الإنسانية، وعلم يقينًا أن الدنيا دار فناء، فآثر مساندة الفقراء والمحتاجين والمرضى، حتى في آخر أيام حياته، فاللهم أخلف عليه في دار الحق، وأنزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
وقرر محافظ الغربية طارق رحمي، اطلاق اسم الدكتور مشالى على المركز الطبي بشارع سعيد بمدينة طنطا، تقديراً لجهوده وخدماته الطبية التي قدمها لأهالي الغربية طوال فترة حياته.
«طبيب الغلابة» عاش فقيراً بين الفقراء، رث الهيئة وغير مرتب الهندام، والأسمال بالية، فكان شبه متصوف، عيادته الطبية متواضعة في مكان شعبي بسيط، إنه الطبيب محمد مشالي معشوق البسطاء وحاز على لقب كان يعتبره أغلى من الذهب «طبيب الغلابة» فخدم عشرات بل مئات الألوف، وداوى أوجاعهم، وطبطب على آلامهم، وهدأ من روعهم، وسكن من هلعهم، بمقابل رمزي شبه مجاني، وثمن بخس دراهم معدودة، لا تسمن ولا تغني من جوع.
الدكتور «مشالي» عاش زاهداً في الأضواء، بعيداً عن الكاميرات، وعندما سعت خلفه الكاميرات والملايين لتجديد عيادته رفض وفضل أن يقضي بقية حياته خادمًا للفقراء حتى مات بهبوط مفاجئ في الدورة الدموية عن عمر يناهز 74 عامًا.
ولد «مشالي» عام 1944 بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، وتخرج في كلية الطب قصر العيني في القاهرة 5 يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة المصرية في محافظات مختلفة.
وفي عام 1975 افتتح «مشالي»، عيادته الخاصة في طنطا بجوار مسجد السيد البدوي، وظل لسنوات طويلة يحدد قيمة كشفه الطبي في عيادته لا تزيد عن 5 جنيهات، وزادت أخيرا لتصل إلى 10 جنيهات، كما كان يرفض الحصول على قيمة الكشف من غير القادرين، ويمتلك «مشالي» عيادتين أخريين، إحداهما في قرية محلة روح، والأخرى في قرية شبشير الحصة.
وتحدث مشالي قائلًا: «نشأت في بيئة متوسطة وخدت الثانوية العامة بتفوق ووالدي أخدني علشان يقدملي في كلية الطب في القاهرة ولقى أن المصاريف هتبقى غالية فقالي يا ابني المصاريف هتبقى غالية ويشاء ربنا في هذا اليوم مساء يصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراراً بمجانية التعليم ولو مكنش القرار ده مكنتش اتعلمت، وأبويا قالي اطلع بقى جري قدم، ولولا هذا القرار كنت زماني شغال في المواصلات أو الأتوبيسات ولما قولتله نفسي أبقى دكتور قالي هجيبلك منين أنتم 6 عيال هصرف عليكم منين، وأنه عاش يعمل بوصية والده له قبل وفاته، حيث أوصاه بمراعاة الغلابة بعدما تخرج من كلية الطب».