للحركة التشكيلية في السعودية، جمالية خاصة، وحضور لافت في المعارض السعودية والعالمية، فمن هي صفية بن زقر التي أدهشت العالم بلوحاتها؟
الفنانة (صفية بن زقر) هي واحدة من رواد الحركة التشكيلية السعودية، وهي المرأة الموهوبة ذات العين الثاقبة التي كتبت التراث السعودي بالريشة والألوان، وحوَّلت لوحاتها إلى عوالم ضاجة بالحياة اليومية التي عاشها أهل جدة أيام زمان، وهي أول من درس فن الرسم أكاديمياً وأول من أقام معرضاً رسمياً تشهده جدة ويفتتحه أمير المنطقة، وكان ذلك في عام 1968 وقد دعي إلى المعرض يومها أعضاء السلك الدبلوماسي والمثقفين والفنانين الذين أدهشتهم لوحاتها المعلقة على جدران قاعة إحدى المدارس يوم لم تكن هنالك قاعات مخصصة للعرض، والطريف أنهم كانوا ينتظرون زيارة معرض لامرأة سعودية تجيد الحياكة والتطريز والفنون المنزلية، ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام لوحات مكتملة النضوج تقف خلفها فنانة ترسم لها طريقاً خاصاً في عالم الفن، وقد كان هذا المعرض أشبه بالمغامرة بالنسبة لها؛ لأنها كانت تنتظر من الجمهور أن يقبله أو يرفضه، ولكن الإقبال كان كبيراً، وكان هذا هو اليوم الذي ولدت فيه كرسامة كما تقول؛ لأن الفنان يولد عندما يقبله الجمهور.
المرأة الحجازية ذات الرداء الأصفر
ولدت (صفية بن زقر) في حارة الشام في جدة القديمة، وسافرت مع عائلتها إلى مصر وهي في السابعة من عمرها، وأكملت دراستها الثانوية ودرست الموسيقى والفن والاقتصاد المنزلي هناك ثم سافرت إلى بريطانيا للدراسة، وكانت فرصة لزيارة المعارض والقراءة والاطلاع على تجارب الآخرين، وعادت بعدها إلى جدة؛ لتقيم أول معرض لها في عام 1968 ثم معرض ثانٍ في السبعينيات في مدرسة دار الحنان، وتوالت المعارض المحلية، إلى أن فكرت بالعرض خارج السعودية، وخرجت في معرض زائر يتجول في لندن وباريس وجنيف، ورغم رسمها لعشرات اللوحات إلا أن لوحة مميزة تمثل امرأة حجازية ترتدي رداءً أصفر هي أكثر عمل اكتسب شهرة محلية وعالمية، وتحول إلى غلاف لكتاب وإلى ملصقات تعريفية، ووصل الأمر إلى حمله لقب (موناليزا السعودية) فما حكاية هذه اللوحة؟
سياسيو فرنسا في معرض فنانة سعودية
تقول الفنانة صفية بن زقر:
- أحياناً يسألني الناس عن أحب لوحة إلى قلبي، وأجيبهم بأن أعمالي مثل الأطفال الذن نحبهم بلا استثناء، ولكن ثمة طفلاً يتميز بتعامله الجميل وحنوه ومشاعره الفياضة، وهذا ما يجعلنا نميزه عن غيره، والأمر ينطبق على لوحاتي، فأنا احب هذه اللوحة التي صارت ملصقاً لمعرض أقيم في جدة، وتوزع على الأعمدة والجدران في الشوارع الرئيسية وغلافاً لكتابي ( An Artists View of the Past ) الذي طبع في سويسرا عام 1982 كما استخدموا هذه اللوحة كملصق لمعرضي في باريس أيضاً، ووجد له مكاناً على برج إيفل وعلى جدران المطاعم والمقاهي والمراكز الفنية، وهي العادة المتبعة في فرنسا في الإعلان عن المعارض، وفي يوم الافتتاح حضر عدد كبير من السياسيين الفرنسيين بدعوة من السفارة السعودية في باريس، وكان من بين الحضور (جاك شيراك) وكانت أيام الانتخابات الفرنسية، وكتبت الصحف في اليوم التالي: (مرشحو الانتخابات الفرنسية في معرض فنانة سعودية)، كما أطلقت الصحافة على هذه اللوحة لقب (موناليزا السعودية)، ومن هنا جاءت التسمية.
هل هي بورتريه شخصي؟
- أنا لم أرسم بورتريه شخصياً بل كنت أبحث عن شخصية تمثل المرأة السعودية الحجازية بأناقتها وكبريائها وأنوثتها وثقتها بنفسها، وهنالك من يرى أن فيها بعض الملامح مني ومن أختي، ولكني استخدمت صوراً كثيرة إلى أن وصلت في النهاية إلى الملامح العربية التي تشي بالعزة والكرامة والعنفوان، وحرصت على أن تجلس بطريقة تظهر فيها قوتها الداخلية واعتدادها بنفسها.