حكايات قبل النوم عادة جميلة تواظب عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، وتسعد بها الابنة فرحة بقربها من والدتها، وحتى يكبر قلبها بالمعاني الجميلة، وقصة "سعاد" وصديقتها "أمل" واحدة من القصص التي توضح معنى الصداقة الحقيقية لأطفالنا، وأنها بقدر الصدق فيها وليس بكثرة عدد الصديقات
"سعاد" فتاة لطيفة ومرحة، محبوبة بين صديقاتها بالمدرسة وداخل النادي ووسط جاراتها الصغيرات بالعمارة التي تسكنها، ولنتركها تتحدث عن نفسها
: أنا "سعاد"عمري -13عاماً- بالصف الثاني الإعدادي ، وحيدة أمي وأبي، ليس لي إخوة أو أخوات، موسم الدراسة انتهى من شهرين وأكثر، وأنا أستمتع الآن بالإجازة والأوقات الحرة بين مشاهدة التليفزيون والزيارات العائلية، والأهم الذهاب لملاقاة صديقاتي
: لديّ عدد كبير من الصديقات، ثلاث مجاميع؛ الأولى صديقات النادي، والثانية صديقات المدرسة، أتزاور معهن، والثالثة، جاراتي المقاربات لي في السن والهوايات، نقرأ القصص ونحكيها لبعضنا البعض، نجمع كتب الألغاز ونحلها معاً، وفي النادي أمارس لعبة التنس مع المدرب أو الصديقات للتريض فقط، من دون نزول بطولات أو التزام بمواعيد تدريب.
الأيام كانت تمر جميلة ومسلية، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ في يوم ما وقعت على الأرض فنزلت بجسمي على قدمي اليمنى فأصابها شرخ ، وكنت أقوم بصد كرة قوية من المدرب بمضربي ، اضطررت بعدها للجلوس بالمنزل لأسابيع طويلة بأمر الطبيب، في الوقت الذي بدأت فيه الدراسة، وعادت صديقاتي إلى مدارسهن
ظللت طوال سبعة أيام أنتظر زيارات صديقاتي رغم كثرة سؤالهن عني بالتليفون، لإخباري بما يحدث بالمدرسة، والدروس الجديدة، والواجبات، ولكن..لم يأت أحد!
شكوت لأمي ما أشعر به، وأظهرت لها ضيقي وغضبي، أين صديقاتي؟ كنا نخرج معاً، نمضي أسعد وأجمل الأوقات، نلعب ونضحك ونمرح، لن أخرج معهن بعد اليوم
الأم : لا تغضبي يا "سعاد "، ربما لديهن مشاغل، الصداقة نعمة كبيرة من عند الله، والصديقات كنزوثروة كبيرة عليك المحافظة عليها وعدم التفريط فيها بسهولة، والمشكلة أنك جمعت حولك صديقات كثيرات ولكن لم تفرقي بينهن، الصداقة الحقيقية ليست بكثرة الصديقات إنما بالتحاب ومد يد المساعدة وقت الضيق أو الحاجة
هنا سمعت سعاد وأمها طرقات على باب الغرفة، دخلت "أمل" إحدى جارات "سعاد" المقربات وزميلتها بالمدرسة، تحمل حقيبتها وأقلامها وأوراقها، استعداداً لشرح ما تم شرحه بالمدرسة، لصديقتها "سعاد
نظرت "سعاد" بحب وامتنان شديدين ..ل..أمل.. كانت تنتظره، وطبعت قبلة على خد أمها، وكأنها تشكرها وتخبرها بأنها تفهّمت معنى كلماتها