بعد ظهور نتائج امتحانات A Level البريطانية هذا الأسبوع والتي تعادل الثانوية العامة أو البكالوريا في بعض الدول العربية، تناقل الإعلام البريطاني خبر حصول الطالب العراقي (براق أحمد) البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً على درجة ( *A) وهي درجة عالية جداً في أربع مواد علمية هي (علم الأحياء) و(الكيمياء) و(الاقتصاد) و(الرياضيات) وبذلك ضمن له مقعداً لدراسة الطب في جامعة كامبريدج والحصول لاحقاً على وظيفة طبيب في هيئة الخدمة الصحية الوطنية NHS وقد تناولت هذا الحدث وأبرزته بعناوين عريضة مجموعة من الصحف البريطانية العريقة منها (The Independent ) و( Evening Standard ) و( The Sun) و(Daily Mirror ) إضافة إلى BBC.
تفوق رغم الغربة والمرض والصعاب
ولعل ما أثار اهتمام الإعلام ليس حصول (براق) على هذه الدرجات العالية فقط، وإنما الطريقة التي تحدى بها الظروف الصحية والاجتماعية الصعبة التي واجهها منذ كان في الثالثة من عمره عندما جاء إلى المملكة المتحدة بصحبة جدته من أجل الخضوع لعلاج طبي لحالة ولادية صعبة في الفخذ، ويومها باع والداه منزلهما الجميل في العراق لتمويل هذه الجراحة العاجلة في المملكة المتحدة، وقد خضع الطفل لثماني عمليات من أجل إصلاح الخلل في مفصل الورك، وظل مداوماً على تناول الأدوية للتحكم في آلامه اليومية، وما يزال حتى الآن بانتظار عملية استبدال مفصل الورك الأيسر والتي تأخر إجراؤها بسبب جائحة فيروس كورونا، ولعل اللافت أن هذا الطالب قد دخل المدرسة وهو غير قادر على التحدث باللغة الإنكليزية وكذلك جدته التي ترافقه ومرت عليه أيام وهو يعاني من تيبس الجسم الذي يمنعه من الحركة، لكنه سرعان ما أظهر تفوقاً كبيراً في دراسته وحصل على المراتب الأولى في الصف والتي أهلته للحصول على منحة دراسية في (كلية كارديف سيكسث فورم ) العريقة، وعندما اشتدت الحرب في العراق لم يعد قادراً على العودة، مما اضطر جدته إلى طلب اللجوء في بريطانيا، وظل براق يعيش معها في مدينة (كارديف) عاصمة مقاطعة ويلز ولم يلتقِ بوالديه إلا بعد عشر سنوات، وقد تعرف في هذا اللقاء على أخوته الثلاثة الذين ولدوا خلال هذه السنوات العشر، ولم يسبق أن تعرف عليهم قبل ذلك. ولماذا اختار دراسة الطب؟
وبالإضافة إلى اختيار الطالب براق لدراسة مواد في مرحلة A Level تؤهله لدراسة الطب، فإنه قد تنافس أيضاً في المناقشات الإقليمية في جامعتي( أكسفورد) و(كامبريدج)، وأصبح عضواً نشطاً في جمعية الأخلاقيات الطبية التي يقودها الطلاب، وحصل على جائزة (الطالب الأكثر تميزاً) وجائزة (المؤهلات غير الصفية ومساعدة الطلاب الآخرين على النجاح)، وقد اختار دراسة الطب لأنه أمضى كثيراً من الوقت في المستشفيات وتلقى رعاية واهتماماً من الأطباء والممرضات؛ لذا قرر أن يكون طبيباً كي يساعدهم في عملهم ويرد لهم بعض الجميل وهنا يقول مدير مدرسته: «براق طالب استثنائي اجتهد وتغلب على كل الصعاب للحصول على هذه الدرجات، وهو يستحق مقعده في كامبريدج لأننا نحتاج إلى طبيب مثله».