أطلقت فتيات في مقتبل العمر في عدد من المدن المغربية مبادرة جميلة تحمل في طياتها نبلاً اتجاه الآخرين، باختيار قصة وقرأتها وتلخيصها وعرضها في شريط فيديو ليطلع عليها جميع الأطفال. في "كل يوم قصة في زمن الحجر المنزلي" كان شعار هؤلاء الفتيات لكي يستقطبن الأخريات من مدن مختلفة ولو كانت بعيدة، سلاحهن القراءة والهواتف الذكية والإصرار على القراءة بدون توقف.
القراءة وسيلة لجعل الحجر المنزلي أكثر متعة وفائدة
تهدف هذه المبادرة، التي تلاقي رواجاً كبيراً، إلى جعل الحجر المنزلي وعدم الخروج من المنازل بفعل انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بدون مشاكل لكونها تقيد حركتهن طوال اليوم، ولخلق نوع من البهجة والسرور على الفتيات اللواتي يشعرن بالملل بسبب المكوث لمدة طويلة في فترة الحجر الصحي أو فرضت عليهن إجراءات صارمة من قبل أسرهن للمحافظة على سلامتهن.
سميرة الحايك هي واحدة من أولئك الفتيات المبادرات، والتي اكتسبت فعل القراءة من خلال أنشطتها الموازية في مدرسة بمدينة الخميسات (وسط المغرب)، حيث تعلمت أولى حروف الهجاء، لتصبح مدمنة على فك مفردات القراءة والكتب المناسبة لسنها وثقافتها، وتقوم سميرة بتلخيص محتوى القصص التي تقرأها خلال فترة الحجر الصحي، وتقدمها على شكل كبسولة مصورة وتوزعها وتتقاسمها مع الفتيات اللواتي يهتمن بنفس الأمر.
وتحث سميرة، ذات 12 سنة، على القراءة والمطالعة من أجل تخطي صعوبات الحجر الصحي الذي فرض عليها وعلى أقرانها كأسلوب حياة جديد للعيش دون الإلتقاء الدائم مع صديقاتها اللواتي تتواصل معهن عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبقى غير كافية ولا تحقق الحميمية المطلوبة والمعتادة بينهن. تتشوق سميرة دائماً إلى طرح الكتب التي اختارتها بعناية فائقة، بما يتناسب مع مستواها وعمرها، على صديقاتها اللواتي ينتظرن منتوجها بفارغ الصبر، وما لخصته وما استفادت منه في منزلها بالعاصمة المغربية الرباط.
وعن نوعية الكتب التي تقرأها في هذه الفترة الزمنية، قالت سميرة إن قصص الأطفال تستهويها وتبعث فيها نفساً عميقاً للقراءة والإطلاع على الحياة العامة، مشيرة إلى أنها تستفيد من هذه القصص في حياتها العامة كونها تقدم لها دروساً مليئة بالمعاني والقيم النبيلة التي ينبغي أن تسود في العلاقة بين الناس.
القراءة تغني الثقافة العامة لدى الأطفال
من جهتها، تقول ملاك سيعلي، التي شاركت في مسابقة تحدي القراءة العربي لدورتين متتاليتين، إنها تحرص على قراءة القصص وتلخيص محتواها وحفظ المتن المستخرج منها جيد لإغناء ثقافتها العامة، مشيرة إلى أنها بدأت هذه التجربة المعرفية حينما كانت تدرس في المستوى الثاني ابتدائي، وشددت على أنه يحذوها حماس كبير للمشاركة في هذا التحدي المعرفي من خلال التزامها بالقراءة بصفة دورية وإلزام نفسها بتلخيص القصص ونشر محتواها على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بفيديو يشرح كل شيء.
وأشارت إلى أن هذه العملية تلقى إقبالاً كبيراً من قبل الفتيات اللواتي يرغبن في القضاء على الملل واجتياز فترة العطلة الصيفية المتزامنة مع انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"
كما تتضمن أشرطة الفيديو نبذة عن المؤلف وأزمنة وأمكنة القصة وأشخاصها وكيفية سردها، مما يضفي رونقا خاصا على هذه المبادرة التي تعلم الفتيات كيفية الحكي بدون خجل أمام الكاميرا أو الهاتف الذكي.
وتؤكد جميع الفتيات المشاركات أن هذه المبادرة تهدف إلى التشجيع على القراءة الدائمة في المنازل، وكما أنها تسلط الضوء على دور القراءة في التخفيف من تداعيات الحجر الصحي.