تضم المملكة بين جنباتها العديد من الأماكن التاريخية والمعالم الأثرية، والتي يتم تسليط الضوء عليها من فترة إلى أخرى لتعريف عشاق التاريخ عليها، وجذب المهتمين بها لزيارتها والاطلاع على قصة مولدها.
وتعد "جبال حسمى الرملية" والتي تقع في الجهة الغربية من مدينة تبوك شمال غرب المملكة إحدى هذه الأماكن الساحرة، والتي حباها الله بجمال طبيعي، وبُعد جيولوجي.
وتقع هذه الجبال في "صحراء حِسْمَى"، والتي تعد منذ الأزل محطة على طريق التجارة القديم من وإلى جزيرة العرب ومرت بها القوافل والركبان على امتداد الحضارات الإنسانية المتتالية، الأمر الذي يفسر تنوع وكثرة النقوش الأثرية على صخور جبالها الشاهقة.
يذكر أنّ المؤرخين وصفوا "حسمى" بالمدونة الزاخرة بالنقوش الثمودية التي تعود لأكثر من 2600 عام, كذلك الكتابات العربية لفترة ما قبل الإسلام وبعده في زمن مبكر مرورًا بالعصور الإسلامية المتلاحقة، فلا يكاد يخلو جزء منها إلا ونقش الثموديون والعرب القدماء دلائلهم عليها، ومما زاد جمالها الخطوط المختلفة التي نقشت عليها لاسيما الكوفي منها فكانت بمثابة توثيق لرحلات وأحوال من مروا بها.
وبحسب "واس" فإنّ "حسمى" تحتضن بين طياتها الكثير من الكتابات والنقوش التي تدل على ما تضمه هذه المنطقة من إرث تاريخي ذو أهمية للباحثين في أسبار التاريخ وتطور اللغة العربية، وكان في الموقع السبق في اكتشاف بعض النقوش العربية عرفت فيما بعد باللهجة الحسمائية وهي لهجة عربية شبيهة باللهجة النبطية وتُعد أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها كما الخط الكوفي، ويشبه الحرف الحسمائي الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتاريخه.
أما سبب تسمية هذه الجبال بهذا الاسم فيعود بحسب ما أخبر به ياقوت الحموي إلى أنّ لفظ حِسْمَى يجوز أن يكون أصله من الحسم وهو المنع والقطع، وربما جاء الاسم لوجود الصحراء بين الصحراء الداخلية للجزيرة وجبال الحجاز. واختلف الجغرافيون في أنها من الحجاز أو بادية الشام، ولعلها آخر الحجاز للحديث الذي يضع أول الشام بقريتي أذرح والجرباء اللتان تقعا بآخر جبال الشراة وتطلان على حسمى.
كما يرد الاسم ببعض المصادر التاريخية مرتبطًا بقبيلة جذام، فيقال حسمى جذام.