قصص للأطفال قبل النوم، عادة جميلة تواظب عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، ويسعد بها الأبناء فرحين بقربهم من والدتهم، وحتى يكبر قلبهم بالمعاني الجميلة، وقصة "فتاة من كولومبيا" واحدة من القصص التي توضح أهمية العزيمة والإرادة واستغلال الإمكانات والمهارات لتحقيق الحلم حتى إن بدا مستحيلاً
نانسي فتاة صغيرة، تعيش في "كولومبيا" أحد بلاد أمريكا اللاتينية؛ حيث الطبيعة البكر والمناظر الخلابة، تتحدث اللغة الإسبانية، وفي مدرستها تدرس اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والفنون
تبلغ نانسي من العمر -12 عامًا- بالصف الثاني الإعدادي، تعيش مع عائلتها الكبيرة بإحدى القرى الصغيرة بالريف الكولومبي، تعطلت الدراسة بمدرستها البعيدة عن القرية التي تسكنها، كحال الكثير من المدارس نتيجة لانتشار وباء الكورونا
وفي صباح أحد الأيام تسلم والد نانسي رسالة من المعلمة بالمدرسة تتحدث فيها عن ذكاء نانسي وتفوقها المميز في الدراسة ، وغيره من الأنشطة بالمدرسة ، خاصة في مجال الفنون
وفي نهاية الرسالة أخذت المعلمة تحث الوالد على ضرورة استكمال مسيرة هذا النجاح، وذلك بتوفير جهاز "لاب توب"؛ لتتابع نانسي دروسها كغيرها من زملائها بالمدرسة
على مائدة العشاء تحدث والد نانسي عن مشكلة توفير مقدم ثمن شراء جهاز اللاب توب ،وكيفية استكمال ثمنه بأقساط صغيرة تتناسب وإمكانات الأسرة المتواضعة الحال
هنا بادرت الجدة بأنها ستقوم ببعض الأشغال اليدوية وعرضها بالسوق الأسبوعي للقرية، وقال والد نانسي: وأنا سأقوم بتصنيع بعض أدوات المطبخ الخشبية وأعرضها للبيع
شكرت نانسي أسرتها على الأفكار الجميلة ومساندتهم القيمة، ولكنها كانت في حاجة إلى حل سريع -الدراسة بدأت منذ أسابيع- حتى تستطيع متابعة دروسها وتعويض ما فاتها، وهنا لاحظت الأم محاولة نانسي لإخفاء دموعها أمام عائلتها
دخلت نانسي حائرة قلقة لغرفتها، تحدث نفسها بالأحلام والأمنيات العريضة التي كانت ترغب في تحقيقها؛ أن تصبح مهندسة ديكور... فهي مغرمة بالفنون، والتي احتضنتها العائلة منذ صغرها ونمتها
أطلت نانسي من نافذة غرفتها فهدأت نفسها، وشكرت ربها على تلك الطبيعة الجميلة التي تتمتع بها بلدتها الصغيرة ، وشجعت الكثير من فناني العصر من جميع أنحاء العالم للحضور ورسم طبيعتها وإقامة المعارض، وعرض إبداعاتهم
دارت نانسي بعيونها في أنحاء الغرفة، فشاهدت تلك الميدالية الفضية التي حصلت عليها العام الماضي؛ لمشاركتها في معرض للرسم في بلدة مجاورة، وفي الجانب الآخر لمحت خطاب الشكر والتقدير الذي أرسله لها أحد فناني كولومبيا المشهورين حين شاهد لوحاتها
وتلك اللوحة التي لم تستكملها بعد، ولم تضع الإضافات التي طلبها محافظ المدينة من نانسي ليعلقها في بهو المحافظة مع لوحات المشاهير من الفنانين، وهنا صاحت نانسي بصوت عال مسموع مملوء بالفرحة وبإحساس من وجد ضالته أخيراً: "وجدتها"!
جرت الوالدة بسرعة إلى حجرة نانسي لتستطلع الأمر، وعرفت ما يدور في عقل ابنتها الفنانة الصغيرة، شجعتها وبادرتها.. بأن هذا هو الحل
وخلال الأيام التالية أكملت نانسي لوحة المحافظ، وجهزت رسومات أخرى جميلة وجديدة ..كلها تعكس جمال الريف الذي تسكنه في قريتها؛ مصورة حياة القرويين البسطاء وهم يزرعون أو يحصدون
وبالاتفاق مع نادي القرية استطاعت نانسي أن تحجز مكاناً؛ حيث قامت بعرض رسوماتها للبيع بأسعار في متناول الجميع، وقام الجميع بمساندتها باعتبارها نموذجاً يحتذي لجميع فتيان وفتيات القرية، وكل من يملك في يده صنعة أو مهارة يدوية
يستطيع عرضها، وتغلبت نانسي على مشكلتها في توفير مقدم لثمن جهاز اللاب توب من دون أن تمد يدها لأحد
صديقي..صديقتي..القصة حقيقية وبطلتها نانسي فتاة قوية..استطاعت أن تزيل غبار الكسل والتراخي لتنهض وتكمل مسيرتها
نانسي رسمت أحلامها القريبة والبعيدة وحتى المستحيلة من قبل..وتأكدت أن كل شيء صغير يكبر ويتحقق بالطموح والعمل والجهد الصادق
والآن عزيزتي الأم هل لديك قصة مشابهة تحكي عن الإرادة وكيفية تحقيق الحلم؟..شاركينا قصتك..ودعي غيرك من الأمهات يستفدن منها