قصص للاطفال قبل النوم عادة جميلة تواظب عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، ويسعد بها الأبناء فرحين بقربهم من والدتهم، وحتى يكبر قلبهم بالمعاني الجميلة، وقصة " صانع الصواني" واحدة من القصص التي تدفع الطفل للفخر بفنون بلده وآثارها التراثية الجميلة
أحمد صبي في الثانية عشرة من عمره، يمضي فترة إجازته الصيفية مع جدته يأنس بصحبتها وحكاياتها المشوقة، ويتمتع أيضاً بأطباقها الشهية التي تعدها له بصفة خاصة، ولا ينسى حقه في لعب الكرة مع أقرانه ..صبيان الحي
تسكن الجدة زينب بأحد الأحياء القديمة بالقرب من منطقة الحسين التي يزيد عمر مبانيها ودكاكينها على ال600 عام، وفيها الكثير من الجوامع الأثرية والبازارات -محلات صغيرة-
ومع جدته تعوّد أحمد الذهاب للسوق لشراء احتياجات المنزل ومراجعة فواتير الشراء، وحمل أكياس البقالة والخضروات والفاكهة؛ "لتتمرن عضلات يديك على حمل الأثقال"، كما كانت تخبره جدته
ومن الأوقات المحببة لأحمد حينما تأخذه جدته لزيارة بعض الأماكن الأثرية القريبة من منزلها، وهناك يشاهد الصناعات اليدوية التراثية كالسجاد والزجاج الملون والأواني النحاسية والمشغولات الفضية والذهبية
ويتابع أحمد: وبعد أن اشترت جدتي إبريقاً من النحاس من أحد البازارات، تجولنا بالشوارع الضيقة والتي تزدحم بالسائحين الذين يعشقون مشاهدة التحف الفنية اليدوية
ووسط هذا الزحام والجمال البراق ، توقفت عند أحدهم..جذبني ما يفعله؛ كان الرجل يمسك صينية نحاسية وبجانبه يجلس صبي صغير يساعده ، يقاربني في العمر تقريبا أو يزيد قليلاً
كان مستغرقا بكل حواسه ..ينقش ويحفر جزءا من الصينية بيده العارية، مستخدما آلة صغيرة تشبه "المبرد" مخصصة للحفر على النحاس
ما أدهشني والمني هو رؤية أصابع الصبي ملطخة بالألوان، وبها الكثير من الخدوش البسيطة، ولكنه لا يعبأ، فسرتها بأنها دليل على حداثة عهده بالمهنة وباستخدام المبرد
وقفت منبهراً بالجدية التي تبدو على ملامح الصبي، وهو ينهي عمله ، ودفعني التأثر وحب المعرفة إلى سؤال معلم الصبي "الأسطى" عن سبب عدم ارتداء الصبي قفازاً ليحمي أصابعه من الخدوش المؤلمة التي يحدثها استخدامه للمبرد
أجابني بخبرة المعلم الطويلة ..: من يريد أن يتعلم هذه الصنعة..وهي النقش على النحاس..عليه أن يتمرن على استخدام المبرد وغيره من الأدوات بأصابع حرة؛ لكي يحس ويستطيع أن يتحكم بما يفعله، ومع طول المران يكتسب الخبرة والمهارة، بعدها يستخدم الأدوات وهو يرتدي القفاز
استمعت جدتي لحديث الأسطى، وأشادت بصبره وخبرته الطويلة في تعليم الصبيان الصغار المهنة؛ لأنها صناعة أجدادنا وتراثنا التاريخي الحضاري..ويجب الحفاظ عليه من الاندثار
والأن مارأيك عزيزتي الأم في ترتيب رحلة لأطفالك لزيارة معالم بلدك..والتعرف على جماليات تراثها القديم؟هيا شاركينا قصتك