تشتهر المملكة العربية بطبيعتها الصحراوية الرملية الساخنة، إلا انَها رغم ذلك ضمت العديد من الواحات الخضراء الشاسعة ذات الأراضي الخصبة والتي كانت بمثابة محطات استجمام لمن تكبدوا عناء السفر، فيرتوون من مائها ويستظلون تحت ظلال أشجارها الوارفة ويحتمون بها من لهيب أشعة الشمس.
ومن منطلق حملة "لمتنا سعودية"، نستعرض عبر السطور التالية بعضٌ من أهم الواحات الغنَاء في المملكة العربية السعودية.
واحة الأحساء
هي منطقة تاريخية تقع في محافظة الاحساء، وهي من أكبر الواحات في المملكة، كما أنها أكبر واحة نخيل محاطة بالرمال في العالم، تبلغ مساحتها حوالي 85.4 كلومتر مربع (33.0 ميلمتر مربع). تحتوي على أكثر من 2.5 مليون شجرة نخيل بما في ذلك نخيل التمر، الذي يتغذى من طبقة مياه جوفية ضخمة من خلال تدفق أكثر من 280 بئرًا أرتوازيًا، ما يسمح بالزراعة على مدار السنة في منطقة صحراوية رملية.
تميزت هذة المنطقة بنشاط زراعي كبير عُرف عبر التاريخ، حيث استخدم الساكنين فيها خلال أجيال مختلفة، العديد من الأساليب الزراعية المتنوعة وأنظمة الري المتطورة، واليوم تُعد هذة الواحة دليلاً حياً وفريداً يُعبَر عن التفاعل الاستثنائي بين البشر والبيئة المحيطة بهم.
يُذكر أنَ واحة الأحساء أصبحت أحد مواقع التراث العالمي في عام 2018م، ودخلت موسوعة غنيس للأرقام القياسية في 8 أكتوبر 2020 كأكبر واحة نخيل في العالم، بالإضافة إلى أنها جزء من شبكة المدن الإبداعية لليونسكو منذ ديسمبر 2015م.
واحة خيبر
تقع على بعد 170 كيلومتر من شمال المدينة المنورة، أي في الجزء الشمالي الغربي من المملكة، موقعها الكائن بين سلسلةٍ من المنخفضات التي تتجمع فيها مياه الأمطار، جعل نمو الكثير من أشجار النخيل أمراً سلساً عبر آلاف السنين، فأصبحت محاطة بهذا النوع من الأشجار.
لهذة الواحة أهمية تاريخية خاصة، حيث أنَ المنطقة الواقعة بها كانت تُشكل نقطة توقف للمسافرين والقوافل، فهي تقع ما بين مدائن صالح التي كانت تُعرف قديماً بمدينة الحِجر والمدينة المنورة التي كانت تُعرف قديماً باسم يثرب، وشهدت هذة المنطقة أيضاً إحدى الغزوات الهامة "غزوة خيبر" التي تُعد من أهم الفتوحات في تاريخ شبه الجزيرة العربية والتاريخ الإسلامي.
يُذكر انَ الواحة محاطة بحقولٍ من الحجار السوداء الناجمة عن حمم الثورات البركانية، وتُسمى بالحرّات، وتُعد أكبرها حرة خيبر، وهذه الحجار هي ما يجعل الوصول إلى هذة الواحة أمراً صعباً في بعض الأحيان.
واحة يبرين
تقع في جنوب الرياض وتبعد عن مدينة الهفوف 270 كلم، أطُلق عليها لقب "بوابة الربع الخالي"، يبلغ عدد سكان هذة المنطقة اليوم مايزيد عن 6 آلاف نسمة.
تتميز واحة يبرين بوفرة الماء وأشجار النخيل، واشتهرت بالزراعة وتربية الماشية، خاصة الإبل، بالإضافة لكثرة الآثار، حيث يرى العديد من الباحثين أن تاريخ هذة الواحة يعود إلى مئات السنين وقبل العصر الإسلامي، فكانت منطقة مأهولة بالسكان، واستدلوا على ذلك بوجود الآثار القديمة التي تدل على حقبة ماقبل الهجرة، كما وتستقبل واحة يبرين خلال أيام الربيع عدد كبير من محبي الصيد وعشاق الآثار الذين يتوافدون عند جبل "الجمرة" الواقع عند مدخل الواحة.
يُذكر انَ هذة الواحة اتخذت مكانة جوهرية لدى السعوديون، حيث كانت نقطة ارتكاز للمؤسس الراحل الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومقر انطلاقته لتوحيد المملكة.
واحة الحسو
تقع في محافظة المذنب وهي إحدى محافظات منطقة القصيم، واحة عامرة مليئة بالأشجار وسط الكثبان الرمالية الذهبية والشاهقة، وتضم هذة الواحة بين جنباتها قرية تراثية، تحتوي على منازل عتيقة تجابه رمال الصحراء، كما يوجد بها بئر مياه متدفق.