تظهر تقارير عن أشخاص أصيبوا بالمرض مرة ثانية، في حين أن الإصابة مرة أخرى لاتزال نادرة، إلا أنه لايزال من غير الواضح إلى أي مدى يمكن للمناعة أن تحمي الشخص حقاً. تتواجد المناعة أيضاً في الأخبار، لأن الجدل يدور بين العلماء حول مناعة القطيع، وهي النقطة التي يكون فيها عدد كافٍ من الناس محصنين ضد مسببات الأمراض لإبطاء انتشارها، في حين أن مناعة القطيع قد تضع نهاية الوباء في الأفق، يقدر الخبراء أن حوالي 40 إلى 60 في المائة من السكان سيحتاجون إلى الإصابة للوصول إليه؛ وفقاً لموقع sciencenews.
تناولت إحدى الدراسات التي صدرت مؤخراً في دورية «ذا لانسيت - الأمراض المعدية The Lancet - Infectious Diseases»، التي قام بها مجموعة من الباحثين للوصول إلى مناعة القطيع بدون لقاح، من خلال السماح لـ COVID-19 بالانتشار بين أولئك المعرضين لخطر منخفض، مع حماية السكان المعرضين للخطر، ومع ذلك؛ فإن هذا النهج يعرض السكان بالكامل لخطر المرض والموت بشكل كبير. ونظراً لأن كوفيد 19 هو فيروس جديد، لا يمكن للعلماء تحديد المدة التي سيتم خلالها حماية الشخص بعد تعافيه من العدوى، إذا تضاءلت المناعة بسرعة؛ فإن ذلك يمهد الطريق لتفشي المرض بشكل متكرر ما لم يكن هناك لقاح، كما أثبتت الدراسات.
ماذا تعني «المناعة»؟
بالنسبة للعلماء، تعني المناعة مقاومة المرض المكتسبة من خلال تعرض الجهاز المناعي لها، إما عن طريق العدوى أو من خلال التطعيم، لكن المناعة لا تعني دائماً الحماية الكاملة من الفيروس.
كيف يبني الجسم المناعة؟
للجهاز المناعي طريقتان لتوفير حماية دائمة: الخلايا التائية التي تتذكر العامل الممرض وتحفز الاستجابة السريعة، والخلايا البائية التي تنتج الأجسام المضادة، وهي بروتينات يصنعها الجسم لمحاربة مسببات الأمراض المحددة.
بعد فترة طويلة من تعافي الشخص من العدوى، تبقى هذه الأجسام المضادة في دمائه، ثم إذا تعرض الشخص لنفس العامل الممرض مرة أخرى في المستقبل؛ فإن هذه الأجسام المضادة تتعرف على التهديد وتعمل على منع حدوث عدوى أخرى.
ما يسمى بـ«خلايا الذاكرة التائية» فإن هذه الخلايا ترقى إلى مستوى اسمها وتتعرف على مسببات الأمراض التي تمت مواجهتها سابقاً، وتساعد إما في تنسيق جهاز المناعة أو قتل الخلايا المصابة.
مع نوع واحد من المناعة، يسمى مناعة التعقيم، لا يحصل الفيروس أبداً على فرصة لبدء التكاثر ولا يصيب أية خلية أبداً، ومع ذلك، يصعب تحقيق مناعة التعقيم، في كثير من الأحيان، يحقق الناس مناعة جزئية، والتي توفر استجابة سريعة قد تجعل النوبة الثانية من المرض أقل حدة، أو أقل سهولة في الانتقال للآخرين.
ليس من الواضح نوع المناعة التي يتمتع بها الأشخاص الذين تعافوا من COVID-19، ولن يخبرنا ذلك إلا الوقت، يمكن أن يؤدي اللقاح إلى استجابة مناعية أقوى من العدوى الطبيعية، على الرغم من أنه لم يتضح بعدُ، ما إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للقاحات فيروس كورونا في التجارب.
إذا كان الشخص لديه أجسام مضادة؛ فهل يكون محصناً؟
أظهرت الدراسات التي أجريت على مرضى COVID-19 المتعافَين، أن الأجسام المضادة لفيروس كورونا يمكن أن تتلاشى بعد الإصابة بعدوى، ولكن بشكل عام، تظل مستوياتهم مستقرة نسبياً على مدى ثلاثة إلى ستة أشهر.
كما تشير بعض البيانات إلى أن الجهاز المناعي قد لا يمتلك ذاكرة جيدة لعدوى فيروس كورونا، وجدت إحدى الدراسات أنه أثناء الإصابة بعدوى COVID-19؛ فإن العضو الذي ينتج خلايا الذاكرة B - الخلايا طويلة العمر التي تنتج أجساماً مضادة بسرعة إذا تعرض الشخص مرة أخرى لمسببات الأمراض - لا ينشط بشكل صحيح أنواع الخلايا القادرة على التحول، خلايا الذاكرة ب، أفاد الباحثون أن الأجسام المضادة للفيروس قد لا تدوم طويلاً بدون تلك الذاكرة المناعية.
ماذا نعرف عن الخلايا التائية؟
أظهرت الدراسات أن مرضى COVID-19 يطورون عادةً استجابة مناعية تشمل الخلايا التائية، أفاد الباحثون في مجلة الأمراض المعدية الناشئة، أنه حتى المرضى المتعافَون دون استجابة الأجسام المضادة التي يمكن اكتشافها لديهم خلايا تائية في دمائهم.
قد يكون لدى بعض الأشخاص بالفعل خلايا تائية يمكنها التعرف على أجزاء من فيروس كورونا الجديد، أفاد باحثون في مجلة Science أن هذه الخلايا المناعية قد تُترك من التعرض السابق لفيروسات كورونا التي تسبب نزلات البرد، قد تساعد هذه الخلايا التائية التفاعلية المتصالبة في تقليل طول أو شدة مرض COVID-19، على الجانب الآخر، يمكن أن تجعل هذه الخلايا التائية المرض أسوأ، ربما عن طريق المبالغة في تحفيز الجهاز المناعي، والتسبب في حالة تسمى عاصفة السيتوكين، وهي سبب بعض حالات COVID-19 الشديدة.
هل يمكن أن تصاب بفيروس كورونا مرتين؟
وثق الباحثون الآن عدداً صغيراً من الحالات التي أصيب فيها الأشخاص مرتين بفيروس كورونا، تم الإبلاغ عن أول حالة من هذا القبيل في هونغ كونغ، مع تقارير إضافية في الولايات المتحدة وهولندا وأماكن أخرى، لكن لايزال من غير الواضح مدى شيوع حالات الإصابة مرة أخرى، ومع وجود عدد قليل فقط من الحالات حتى الآن، يقول باركر اختصاصي المناعة في جامعة درو في ماديسون، نيوجيرسي: «لا يمكننا أن نقول حقاً إن إعادة العدوى تخبرنا كثيراً في هذه المرحلة»، إما عن المناعة أو ما إذا كانت اللقاحات ستوفر حماية طويلة الأجل، أو ستحتاج إلى أن تصبح جزءاً من روتيننا السنوي، مثل لقاحات الأنفلونزا.
من المتوقع حدوث بعض حالات إعادة العدوى، قد لا تكون الذاكرة المناعية لدى بعض الأشخاص قوية بما يكفي لمنع العدوى تماماً، على الرغم من أنها قد تمنعهم من الإصابة بالمرض.
يقول باركر إنه من الصعب إثبات أن شخصاً ما، قد أصيب مرة أخرى؛ لأن الباحثين بحاجة إلى إثبات بشكل قاطع أن فيروسين مختلفين تسببا في كل إصابة، يتطلب ذلك اختبارات جينية؛ علاوة على ذلك، لا يبحث الخبراء بالضرورة عن مثل هذه الحالاتح خاصة في الأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض.