"تبدأ رحلتنا الحقيقية في الحياة عندما تكثُر تساؤلاتنا ويكثُر بحثنا عن غاية وجودنا، عندها نشعر بيقظة داخلية لا تهدأ إلا بإيجاد السبيل. تشغلُنا الحياة بكل ماهو ليس لنا، حتى نصطدم بمحطة تحول تجبرنا على إعادة جميع حساباتنا، ويمر بعضُنا بذات المحطات دون توقف، بالرغم من تكرار الرسائل الحياتية وتكرار فرص التوقف وتبقى اختياراتنا هي المحك. وبذلك خُلقنا أحراراً، نملك القرار بأن نكون وفق مايسرنا الله له، لأن غاية استخلافنا في الأرض هي إعمار ذواتنا أولاً ثم إعمار الأرض"، بهذه الكلمات بدأت القيادية رنا طيبة، التي تولت عدة مناصب حكومية، حوارها معنا، ما يعكس رؤيتها، مبدأها وأفكارها، التي نستعرضها أبرزها في الحوار الآتي.
"معنى الحياة"
في بداية رحلتي المهنية لطالما كان معنى الحياة هاجساً سعيت للبحث عنه، من خلال شغفي بالعمل مع الأطفال الأمَس حاجة للحياة الطبيعية، فأحببت كوني معلمة لذوي الإعاقة، أقابل الكثير من القصص المليئة بالآلام، ويبقى دوري الأصيل فيها هو تقديم الأمل، وتقديم أفضل الخبرات، وتوالت المواقف وكبرُت القصص وتنوعت المجالات، واتجهت لإعداد القياديين ودعم المختصين والمساهمة في خلق البيئة المهنية للعمل في القطاع، فوجدت في نقل المعرفة تحدياً عالياً للذات، كي تنضج وتجتهد لتكون أهلاً للثقة والعطاء.
واعتقدت بدايةً أننا نتطور من داخلنا، وأن قراءاتنا ومعرفتنا هي السبيل لارتقاء سلم الوعي وفهم الحياة، حتى أدركت أن أهم محطة توقف في حياتنا هي محطة (الآخر).
فنحن نكبر في داخلنا مع كل فرصة جديدة، مع كل قصة تحدٍ نعيشها لأنفسنا، أو لمن حولنا، نحن نكبر مع كل روح نلتقي بها، فتعكس علينا خبرة مضافة أو درساً جديداً في الحياة، وتستمر رحلة التعلم التي لن تنتهي إلا بنهاية المطاف.
"أدبيات صناعة التغيير"
ومع مروري بالكثير من التجارب القيادية والإدارية في القطاع غير الربحي، والمؤسسات التعليمية وقطاع الأعمال، يظل العمل الاجتماعي المرتكز على ترك الأثر الفاعل الذي بدوره يصنع التغيير والفارق هو شغفي الحقيقي، على الرغم من الصراع المستمر بين العمل الاجتماعي التقليدي والعمل الاجتماعي المؤسسي، والذي يعني بكل بساطة (أدبيات صناعة التغيير في واقع يستغيث)، ويبقى دور كل فرد واع عرف ذاته، أن يخلق دائرة التأثير من حوله، وأن يكون جزءاً من التشكيل الإيجابي للوعي الجمعي، حتى نرى قريباً نماذج الاحترافية فيما يقدم من أعمال اجتماعية مؤسسية تبرز في أرض الواقع.
التغير يبدأ من الداخل
كلّ تغير يبدأ من الداخل من صميم ما نعتقد لن يجد سبيله للخارج إلا من خلال الآخر، من خلال التأمل في انعكاسات الآخرين علينا، من خلال التأدب في عطائنا، وحُسن خلق الأثر.
تعلمت خلال رحلتي المهنية الكثير من المعاني، منها جلي واضح، ومنها ما هو عكس ذلك تماماً، فكانت آية (يأتي بها الله) دائماً مُطمئنة مُرشدة تخبرني أن ظاهر الأحداث لايعني شيئاً، استمري فالتغيير سنة الله في الكون.
تعلمت أن الإنسان ليس ما يملك، ليس منصبه، ليس شهادته، ولا مظهره، ولا حتى اسمه، إن الإنسان مايحتويه جوهره، ما صنعه بداخله، روحه، قيمه، رؤيته للحياة، قناعاته، صفاء سريرته، ذلك هو الإنسان.
أدين لكثير ممن حولي بكل النجاحات التي حملت أجمل الحكايا واللحظات والدموع، والكثير من الحُب.
شريكة مؤسسة لشركة يونويا للاستشارات والكوتشنج.
مدربة معتمدة في مجال القيادة في الشركات، ومدربة لبرنامج إعداد المرأة القيادية لسوق العمل. عملت لأكثر من 20 عاماً في مجال تقديم وتطوير الخدمات والبرامج والاستشارات في القطاع التعليمي/ التأهيلي.
عضوة مجلس إدارة جمعية المعاقين (إيفاء) في المنطقة الشرقية والمديرة العامة المكلفة.
استلمت العديد من المناصب الحكومية.
مثلت السعودية ضمن الوفود الرسمية لمناقشة ملف الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأمم المتحدة وملف (سيداو) اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة.
مدربة معتمدة من هيئة حقوق الإنسان على ملف الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
قالوا عنها:
رنا صديقة صدوقة أمينة، تمتلك عقلاً مرتباً ومنظماً، لديها إدراك ووعي بجوهر المشكلة، وإبداع في إيجاد الحلول لها، لديها القدرة العالية على القيادة والتعامل مع أطراف عديدة وعلى عدة مستويات، وفوق كل هذا تتسم بشخصية مرحة معطاءة محبة للحياة، أحب العمل معها، وأكون مطمئنة بأن الناتج سيكون مميزاً وغنياً ومفيداً.
الدكتورة أمل العوامي، استشارية طب الأطفال
كنت أسمع عن رنا وتميزها في عملها، فتواصلت معها وتعاونا في ورشة عمل، وعملنا سوية، ووجدت أنها إنسانة متجاوبة متعاونة، تعمل بحب وتعب ومتعة، جعلت كل من شارك في ورشة العمل مستمتعاً، وأتطلع لتكرار التعاون معها.
مي المزيني، المؤسسة والرئيسة التنفيذية للمركز العربي لتمكين المرأة
قصتي مع رنا، تمتد عبر السنين، وبالرغم من دراستي في الخارج، بقيت رنا القريبة البعيدة، وأجدها دوماً ليست فقط الأخت التي لم تلدها أمي، وليست فقط الصديقة الصدوقة، وليست فقط الأم الرائعة، ولكن القيادية البارعة، رنا مثال للشخصية الفريدة المؤثرة فيمن حولها، رفعت بخبرتها وإدارتها وعملها الدؤوب سقف العلم والعمل في مجالها، هنيئًا لي بها.
الدكتورة هتون عزت، المشرفة العامة على برامج أمراض الدم في وزارة الصحة السعودية.