تعدُّ العادات والتقاليد جزءاً من هوية الشعوب، وتُميِّز المجتمعات عن بعضها، وتحرص الأجيال المتعاقبة على الحفاظ عليها، وتوريثها للأبناء، والتفاخر بها بين الأمم.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تتشابه العادات والتقاليد إلى حدٍّ كبيرٍ معها في دول الخليج العربي الأخرى، السعودية والكويت وعُمان والبحرين وقطر.
«سيدتي» تسلِّط الضوء، عبر «بهجتنا إماراتية»، على عادات الزواج في الإمارات، التي يغلب عليها طابع اليسر والبساطة والعفوية، وتعدُّ امتداداً لعادات الزواج في باقي دول الخليج، حيث استضفنا الشاعرة والرسامة الإماراتية حمدة المر المهيري، فتحدَّثت عن هذه العادات، مستعينةً بوالدها لتأكيد ما قدمته من معلومات.
عادات وتقاليد الزواج في الإمارات تمرُّ بمراحل عدة، وهي بالترتيب:
أولاً: المصاهرة
يحرص الشاب الإماراتي على مصاهرة الأسر المعروفة بمكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، ويتكفَّل بكل شيءٍ في الزواج، بدءاً بالمهر، مروراً بتجهيز المنزل وتأثيثه، وانتهاءً بحفل الزواج، أما الفتاة الإماراتية، فتحرص على تعلُّم الطبخ، وكل ما يخص الأعمال المنزلية قبل الزواج.
وفي الماضي، كان الإماراتيون يفضِّلون الزواج من الأقارب، أو القبيلة، ونادراً ما كانوا يرتبطون بفتاةٍ من خارجها، لإيمانهم بأن الزواج يزيد الترابط الأسري، أما في حال كانت العروس غريبةً عنهم، فتقوم الخاطبة بمهمة التعرُّف عليها، والسؤال عنها، لمعرفة إذا ما كانت تصلح زوجةً لابنهم، أم لا.
ثانياً: مهر وزينة العروس
عادةً ما تراعي عادات وتقاليد الزواج في الإمارات الأوضاع المادية للشاب، فيحرص والد العروس على طلب مهر في مقدوره تأمينه، وعدم تحميله أكثر من طاقته، وبناءً عليه يقدم الشاب المهر الذي يستطيع توفيره، من مالٍ، أو ذهبٍ، أو أملاك.
أما الملابس والعطور والحقائب وغيرها من الأمور التي تحتاج إليها الفتاة، فتسمَّى «الزهبة»، وتنقسم إلى أقسام عدة، تشمل احتياجات العروس من ملابس وعطور وغيرها، و«زهبة» لأهلها، كما تشمل «المير»، وهي احتياجات المنزل الضرورية من مواد تموينية.
ثالثاً: الحناء
تعدُّ من أهم العادات قبل حفل الزفاف بأيامٍ قليلة، حيث يزور العريس بيت أهل العروس، ويكون قد أحضر معه «الزهبة»، و«المير»، من هدايا وحاجياتٍ وذهبٍ، وهنا تستعد العروس ليوم زفافها بوضع الحناء على يديها ورِجليها، وقد كانت بعض العادات تشمل الرجل في الحناء.
رابعاً: حفل الزفاف
غالباً ما تقام احتفالات الزواج في بيت العروس، ومن عادات وتقاليد الإمارات في الزواج إحضارُ فرق الفنون الشعبية خلال أيام العرس لإحياء رقصات العيالة التي تبدأ من العصر وتستمر إلى المغرب، ومن بعد المغرب إلى منتصف الليل، تُقدم الـ «مالد»، و«الرزفة»، إضافة إلى إقامة مسابقات عدة، منها «الركضة»، حيث يضع العريس رهناً، وهو عبارة عن جائزةٍ، يحصل عليها الفائز.
ويرقص الرجال بالسيوف، ويطلقون الأعيرة النارية أثناء الاحتفال بالزواج، وتتراوح مدتها بين يومين إلى سبعة أيام، حيث يستضيف أهل الفتاة الزوج في بيتهم سبعة أيام، ثم يقومون بزفِّهما إلى بيت الزوجية مع الجيران والأقارب.
خامساً: الولائم
تُظهر الولائم مدى كرم وعطاء الإماراتيين، ويعدُّ طبق الهريس، المكوَّن من البرّ واللحم والأرز واللحم والخبيص، والفواكه مثل البطيخ، الطبق الرئيس في حفلات الزفاف، كما تُقدَّم أنواعٌ عدة من الحلوى والمشروبات.
وقالت حمدة: «بعد العرس تذهب العروس مع زوجها إلى المكان المقرَّر أن يقيما فيه». مضيفةً أن «الزواجات في الإمارات اليوم لا تختلف كثيراً عن السابق، إذ يحرص الكثيرون على التمسُّك بأصالة الماضي، مع تحديثٍ بسيط في العادات المتبعة، في حين يقوم بعضهم باتباع أساليب جديدة في أفراحهم»، موضحةً أن «الأسر الإماراتية، بشكلٍ عام، لا تطلب مهراً معيناً، أو تحدِّد مبلغاً ليكون مهراً لابنتهم، ويؤكدون للعريس أن ما يهمهم أن يكون رجلاً بكل معنى الكلمة، ويصون ابنتهم، ليبادر العريس بتقديم المهر المناسب لعروسه، مع حرصه على أن يكفي احتياجاتها»، مستشهدةً على ذلك بزواجها وزواج كل مَن تعرفهم، حيث يقدم العريس كل احتياجات العروس من «الزهبة»، و«المير»، مشيرةً إلى أن العريس يقع على عاتقه توفير كل احتياجات عروسه، وحفل الزفاف، ذاكرةً أنه في ظهر يوم العرس، يقوم أيضاً بتوزيع وجبة الغداء على أهل العروس وأهله، مبينةً أن «ليلة الحناء تختلف بحسب الأسر الإماراتية، فبعضهم يحتفل بها عبر تنظيم حفلٍ بسيط، بينما يكتفي آخرون بحفلٍ، يشارك فيه الأهل فقط، ويكون الحفل الأساسي للعروس، ويقتصر الوجود في هذا الحفل لدى بعض الأسر على النساء فقط».