نظمت إدارة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة مؤخراً الاجتماع التنسيقي الأول لشركاء مشروع بيت الطفل "كنف" في الشارقة، الذي وجهت بتأسيسه في شهر أبريل الماضي، قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، بهدف توحيد إجراءات حماية الأطفال ضحايا الإساءة الجسدية والجنسية في بيئة آمنة وتوفير الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي لهم، ليكون أول بيت للطفل في الدولة.
واستعرض الاجتماع، الذي عقد (عن بُعد) عبر منصات الاتصال المرئي، أبرز نتائج تقييم الوضع الراهن بناءً على مخرجات اجتماعات الإدارة مع شركاء المشروع وبالاستناد إلى معايير الجودة الأوروبية الخاصة بنموذج بيت الطفل "بارناهوس".وشهد الاجتماع عرض الإجراءات الحالية المتبعة في الجهات المعنية، وصفة الضبطية القضائية، واللغات المتوفرة لإعطاء الطفل والقائمين على رعايته معلومات حول قضيته وتطوراتها، والأجهزة والأساليب المستخدمة في عملية تقييم حالة الطفل وعلاجه. كما وتطرق الاجتماع إلى البرامج الإلكترونية المستخدمة من قبل الشركاء، بالإضافة إلى بيئة التعامل مع الطفل وفرص التعلم والتطوير المتاحة للمتخصصين.
كما استعرض الإجراءات المقترحة للتعامل مع حالات الأطفال المعتدى عليهم جسدياً وجنسياً، وتحديداً الخطوات والمراحل التنفيذية لكل مؤسسة، وخطوات إجراء الفحص الطبي الشرعي، والعلاج الطبي والنفسي، وضرورة وجود أنظمة الربط الإلكتروني بين المؤسسات المعنية.
وناقش المجتمعون التحديات الحالية التي يواجهها الشركاء وكيفية علاجها عبر مشروع بيت الطفل "كنف". وتوقف الحضورعند حجم تجاوب أولياء الأمور في بعض الأحيان مع الجهة المختصة بمتابعة حالة الطفل، وإمكانية تخصيص مكان مستقل لاستقبال الطفل الذي تعرض للإساءة بهدف تقديم الخدمات العلاجية اللازمة، وآليات توفير بيئة صديقة للطفل، إضافة إلى رفد المركز بالمتخصصين النفسيين ذوي الخبرة. وأكدوا على أهمية أن يراعي "كنف" كل تلك المعايير ويضمن خصوصية الطفل وأسرته واشتراطات السلامة وحركة الأطفال من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
شارك في الاجتماع كل من القاضي سالم علي مطر الحوسني رئيس محكمة الشارقة الشرعيّة، والدكتورة صفية الخاجة، مدير مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، والدكتور وليد خالد الحمادي مدير نيابة الأسرة والطفل في نيابة الشارقة الكلية، وهنادي صالح اليافعي، مدير إدارة سلامة الطفل، وأمينة حسين الرفاعي، مدير إدارة حماية الطفل بدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، والعقيد يوسف بن حرمول، مدير إدارة مراكز الشرطة الشاملة بالإنابة بشرطة الشارقة، والرائد الدكتور جابر السويدي، مدير فرع البحث الجنائي بمركز شرطة واسط الشامل، وفاطمة محمد الخميري، مدير إدارة الطب الشرعي بوزارة العدل، وخالد الكثيري، مسؤول خط نجدة الطفل، ومحمد الشاعر، مستشار بإدارة التنمية الأسرية التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
نقلة نوعية في مسيرة التنمية الاجتماعية
وقالت هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة سلامة الطفل: "تتبع إدارة سلامة الطفل منهجاً علمياً لتأسيس مشروع بيت الطفل (كنف) بالتعاون مع شركائها، حيث أجرت الإدارة في مراحل التخطيط الأولية دراسة تحليلية للخدمات القانونية والاجتماعية والنفسية المقدمة للأطفال في إمارة الشارقة وسبل تطويرها. وقد اطّلعت الإدارة على الممارسات المعمول بها في دولة الإمارات العربية المتحدة فيما يخص التعامل مع الأطفال المعتدى عليهم، كما اطلعت على تجارب بيوت الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكيّة، والمملكة المتحدة، والسويد وفنلندا".
وأوضحت اليافعي أن تنفيذ المشروع، الذي يعد الأول من نوعه في الدولة، ينطلق من التوجيهات الحثيثة لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، ورعايتها الكريمة له، باعتباره سيمثل نقلة نوعيّة في مسيرة التنميّة الاجتماعيّة في الإمارة لجهة الاهتمام بالأطفال عبر توفير بيئة آمنة تمنحهم حقوقهم الأساسية وتحقق سلامتهم النفسية والجسدية.
وتابعت اليافعي: "انطلاقاً من نجاح تجربة مركز (بارناهوس) الذي انطلق من آيسلندا في خدمة وعلاج الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء، والتخفيف من معاناتهم، وتسريع إجراءات قضاياهم، حرصنا على عقد عدد من الاجتماعات مع فرق العمل في مراكز بارناهوس عالمياً للاطلاع على تجاربهم في هذا المجال والتحديات التي واجهتهم، للوصول بمركزنا إلى نموذج مماثل، ونحن واثقون أن الشراكات المؤسسية بين مختلف الجهات المعنية في الإمارة سيؤدي إلى نجاح المشروع واستدامته".
عصف ذهني لسير إجراءات المشروع
وشمل الاجتماع عصفاً ذهنياً بين الشركاء لرسم التصور العام لتسيير إجراءات "كنف"، وتوحيد الجهود بما يدعم الطفل واستقراره هو وأسرته، والطرق الأنسب لاستقبال الحالات والبلاغات وآلية التحقيق والعلاج وصولاً إلى متابعة الحالة، مع التأكيد على أهمية وضوح أدوار الشركاء والاتفاق على ثقافة مؤسسية موحدة تعكس الأهداف المشتركة للمؤسسات الشريكة.
وتداول الشركاء مقترحاً حول إمكانية أن يستقبل "كنف" إلى جانب الأطفال المعتدى عليهم، الأطفال المعتدين أيضاً، انطلاقاً من حقيقة أن كليهما يحتاج إلى الرعاية والتأهيل النفسي، واتفقوا على أن يبدأ التعامل مع الحالات من البلاغات المقدمة عبر قنوات سيتم الاتفاق عليها، وعلى رأسها خط نجدة الطفل التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، ومن ثم سيتم تحويلها إلى "كنف"، لاستقبال الطفل في المركز واستكمال الإجراءات اللازمة.
تكامل الأدوار المؤسسية
وتطرق المجتمعون إلى الاستعدادات المطلوبة من قبل الجهات المعنية واحتياجاتهم لنجاح المشروع، وذلك فيما يتعلق بالمقر والموارد البشرية والبرامج لتنفيذ المهام المطلوبة من كل جهة، وأهمية توفر الإحصائيات والبيانات التي تساعد على وضع الميزانيات وتأمين الأجهزة والمعدات المطلوبة، وتعيين الكوادر المختصة، مع أهمية التركيز على خطة تسويقيّة للمركز قبل إطلاقه تشرح أهدافه ومهامه وتزرع الثقة لدى الأسر بأن الأطفال سيتلقون كل الرعاية والاهتمام.
وشددوا على ضرورة تنفيذ سيناريو يحاكي حالات حقيقية قبل إطلاق المركز، بكافة الخطوات المقرر أن يقوم بها المركز وذلك للوقوف على نقاط القوة ومجالات التطوير في المشروع وامتلاك مختلف الجهات المعنية الخلفية الكاملة لما يجب أن يكون عليه المركز، كما ركزوا على أهمية وضوح الإجراءات، ووجود أخصائي حماية مع الحالة منذ استقبالها وحتى الانتهاء منها، وأكد ممثلو الجهات المسؤولة على أهمية موقع المبنى الذي سيخصص للمركز، مشيرين إلى أنه من الأنسب أن يقع في منطقة سكنية مألوفة للطفل، لا في المناطق البعيدة، ليعبر عن فكرة المشروع في الرعاية والاحتضان والدعم للأطفال.
نبذة عن إدارة سلامة الطفل
انطلقت إدارة سلامة الطفل في العام 2011 تحت اسم "حملة سلامة الطفل"، كإحدى مبادرات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، واستمرت في عملها كحملة حتى إصدار سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، في أكتوبر 2018، قراراً إدارياً قضى بتأسيس "إدارة سلامة الطفل"، لتأتي استكمالاً لأهداف ورؤية الحملة، في نشر الوعي بأهمية المحافظة على سلامة الأطفال وحمايتهم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي لهم، وصولاً إلى مجتمع يتمتع فيه الأطفال بالصحة النفسية والسلامة الجسدية.
وتحرص إدارة سلامة الطفل، على التطرق إلى مختلف شؤون سلامة الطفل على مدار العام، من خلال إطلاق الحملات المجتمعية التوعوية وإنتاج وإطلاق الفيديوهات التثقيفية ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمبادرات الخيرية والإنسانية، وإجراء الدراسات المسحية والبحوث، وإبرام الاتفاقيات المحلية والدولية تفعيلاً للشراكات المجتمعية.