مع استمرار علماء الطب الحيوي في محاربة الوباء القاتل منذ العام الماضي لمساعدة العالم على العودة إلى الحياة الطبيعية، لا يزال الباحثون في مختلف التخصصات يهدفون إلى تحقيق إنجازات كبيرة أو إطلاق مشاريع جديدة على الرغم من التحديات التي جلبها فيروس كورونا. سيتعين على العلماء الأوروبيين أيضاً التعامل مع تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في المقابل، يمتلك العديد من العلماء الأمريكيين نظرة سياسية أكثر تفاؤلاً، مع احتمال أن يلعب البعض دوراً نشطاً في معالجة أزمات عالمية أخرى، وأهمها تغير المناخ، بعد تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن، بجعله أولوية قصوى، وفق الموقع العلمي «Science» سنذكر أهم الأحداث العلمية هذا العام، من حماية التنوع البيولوجي في أعالي البحار إلى التحقيق في كيفية تفاعل البشر القدامى...والآن إلى التفاصيل
حجم تغير المناخ
لقد مر ما يقرب من 8 سنوات منذ تقرير التقييم الخامس الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وهي الهيئة الشهيرة لعلماء المناخ المتطوعين الذين سجلوا منذ عام 1990 الاحترار البشري المستمر للكوكب.
التقييم السادس، الذي صاغه أكثر من 700 عالم وتأخر بسبب الوباء، سيصدر هذا العام، ومن المتوقع أن يزيد من حدة صورة تأثير الإنسان على المناخ. وستُدعم نتائجه بجيل جديد من النماذج والسيناريوهات المناخية، تغذيها مؤشرات التغير العالمي المستمر: البيانات التي تظهر ارتفاع مستوى سطح البحر المتسارع، وذوبان الجليد السريع عند القطبين، وموجات الحر الشديد والجفاف والنار. في نوفمبر، ستجتمع دول العالم في غلاسكو في أسكتلندا لحضور قمة المناخ المقبلة للأمم المتحدة، حيث من المتوقع أن تزيد من طموحات التخفيضات التي تعهدت بها في غازات الاحتباس الحراري والاتفاق على مجموعة كاملة من القواعد لتنفيذ اتفاقية باريس. ومن بين الحاضرين الولايات المتحدة التي قال الرئيس المنتخب جو بايدن إنها ستنضم إلى الاتفاقية.
منظمة الصحة العالمية تحقق في أصل فيروس كورونا
التحقق في أصل فيروس كورونا
أثار إطلاق حملات التحصين في العديد من البلدان الآمال في إنهاء جائحة «COVID-19»، لكن كيف بدأت بالضبط؟! لا تزال غامضة، وسيسافر فريق دولي تابع لمنظمة الصحة العالمية مكون من 10 علماء إلى الصين عدة مرات هذا العام بوصفه جزءاً من التحقيق في أصول فيروس كورونا الوبائي. يأمل الفريق في اكتشاف أقرب أقرباء الفيروس في الخفافيش، وأين وكيف قفز إلى البشر، وما إذا كان هناك نوع آخر يعمل بوصفه مضيفاً وسيطاً، وأهم من ذلك، كيف يمكننا منع ظهور فيروسات وبائية أخرى.
رؤية أوضح للبروتينات
يهدف الباحثون هذا العام إلى صقل دقة الفحص المجهري الإلكتروني بالتبريد «cryo-EM»، وهي تقنية لدراسة هياكل البروتين التي قد تسفر عن رؤى جديدة حول أدوارها في الحفاظ على صحة الإنسان والتسبب في المرض. لطالما كانت تقنية أخرى، وهي علم البلورات بالأشعة السينية، هي المعيار الذهبي لرسم خرائط للذرات الفردية داخل بنية بروتينية ثلاثية الأبعاد. يريد الباحثون تصوير بروتينات أقل صلابة؛ حيث يسمح لهم بإنشاء خرائط مفصلة للغاية لبروتينات كبيرة ومجمعات بروتينات متعددة لا تمكن بلورتها.
تلسكوب ويب على وشك الإطلاق
تلسكوب جيمس ويب الفضائي «JWST»، من المقرر أن ينطلق أخيراً في السماء في 31 من أكتوبر. «JWST» هو خليفة تلسكوب هابل الفضائي، مع مرآة بعرض 6.5 متر لديها ستة أضعاف قدرة سابقتها على تجميع الضوء. سيتم تبريد المرآة المطلية بالذهب على شكل خلية نحل؛ حتى تتمكن من جمع ضوء الأشعة تحت الحمراء للأجسام البعيدة، التي تحولت إلى اللون الأحمر بسبب تمدد الكون. سوف يكون تلسكوب جيمس ويب حساساً بما يكفي لفحص الغلاف الجوي للكواكب الخارجية القريبة بحثاً عن علامات الحياة وجمع ضوء النجوم والمجرات الأولى في الكون.
يهدف المفاعل «JET» إلى زيادة الطاقة
سيبدأ التوروس الأوروبي المشترك «JET»، أكبر مفاعل للاندماج في العالم، هذا العام في حملة لتوليد كميات كبيرة من طاقة الاندماج. إن «JET» الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، والذي يستخدم مغناطيسات قوية لتقييد البلازما الساخنة بحيث تتحطم النوى الذرية معاً وتندمج؛ ما يطلق الطاقة. يتمتع «JET» ببطانة معدنية جديدة وقدرة تسخين إضافية. في تجارب هذا العام، سيتم تزويده بمزيج قوي من نظائر الهيدروجين الديوتيريوم والتريتيوم «D-T»، وهو وقود نادراً ما يُستخدم؛ لأن التريتيوم المشع يحتاج إلى معالجة وتنظيف دقيقين. في عام 1997، آخر مرة تم فيها استخدام مزيج الوقود هذا. ستهدف الحملة الجديدة في البداية إلى مستويات طاقة مماثلة، ولكن ستحاول الحفاظ عليها لفترة أطول. سيساعد ذلك في التخطيط لمفاعل «ITER» الضخم، قيد الإنشاء في فرنسا، الذي له شكل وبطانة مماثلة. من المقرر أن يبدأ «ITER» عملياته في عام 2025، لكنه لن يبدأ في استخدام وقود «D-T» حتى منتصف عام 2030.
الأمم المتحدة لحماية أعالي البحار
القليل من القواعد تحمي التنوع البيولوجي في ثلثي المحيط الذي يقع خارج المياه السيادية للدول. هذا العام، من المتوقع أن تضع الأمم المتحدة اللمسات الأخيرة على أول معاهدة تهدف على وجه التحديد إلى تغيير ذلك. ومن المتوقع أن يوفر الاتفاق وسيلة لتحديد المناطق البحرية المحمية «MPAs» في أعالي البحار؛ قام الباحثون بوضع قائمة بالمرشحين والأدلة الداعمة. تحدد المعايير تقييم الأثر البيئي الذي يجب على الدول إجراؤه قبل البدء في الأنشطة التجارية التي قد تضر بالحياة البحرية. هيئة علمية وتقنية دولية جديدة، مماثلة لتلك التي تدير الحياة البحرية حول القارة القطبية الجنوبية، ستراجع مقترحات المحميات البحرية على نظام لإدارة التسلسلات الجينية المأخوذة من الكائنات البحرية التي تعيش في أعالي البحار.
أدلة جديدة للمجتمعات القديمة
توقع أن ترى دراسات على البشر القدامى تتبع مسارات جديدة هذا العام؛ حيث يجمع الباحثون تحليلات الحمض النووي القديم مع أدلة جزيئية وميكروبية أخرى لفحص الروابط الاجتماعية والهجرات. سيقوم العلماء بدمج أدلة الحمض النووي مع البيانات من البروتينات والنظائر، وكذلك الأحافير الدقيقة ومسببات الأمراض من العظام ولوحة الأسنان والأنبوب المتحجر. يمكن لمثل هذه الدراسات هذا العام أن تساعد في تحديد أفراد عائلة سلتيك الأوائل الذين ورثوا الثروة. يمكنهم المساعدة في تحديد موطن الفلستيين التوراتيين وتوضيح هويات الأنجلو ساكسون والإغريق الأوائل في أوروبا، وكذلك المومياوات في الصين ومصر.