في التاسع من شهر ذي الحجة 1368هـ الموافق 1 أكتوبر 1949م، حمل الأثير من المملكة العربية السعودية إلى العالم أجمع صوت إذاعة جديدة انطلقت بكلمة ألقاها الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، تضمنت تهنئة للحجيج بمناسك الحج والترحيب بقدومهم للأراضي المقدسة.
البداية راديو خاص
من نظام راديو خاص يقوم بتزويد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، بالمعلومات من المراكز والمدن الداخلية والأخبار العربية والعالمية، انطلقت الإذاعة السعودية ليُكتب تاريخها منذ ظهور المملكة العربية السعودية كدولة موحدة تحت لواء الملك المؤسس عام 1932. وفي عام 1949، تحول البث الإذاعي إلى الجمهور لتكون مدينة جدة نقطة انطلاقة له، من خلال إذاعة مكة المكرمة التي لم تكن تُسمع إلا في الحجاز.
ومن ثم جاءت فكرة إقامة محطة للإذاعة في السعودية من قبل الملك سعود بن عبدالعزيز، حينما كان ولياً للعهد في ذلك الوقت، حيث عرض فكرته على والده الذي وافق عليها، ومن ثم صدر مرسوم ملكي بتأسيس الإذاعة عام 1949.
تركيب نظام الإذاعة
وفي العام نفسه، وقعت السعودية عقدها مع "إنترناشيونال إلكترونيك كوربوريشن" المؤسسة الأميركية التابعة للشركة العالمية للتلفزيون والتلغراف، وذلك في مبنى السفارة السعودية بالقاهرة، لتركيب نظام الإذاعة، إلى جانب تولي مسؤولية التشغيل والصيانة، ضمن مشروع يتألف من 16 مرسلة إذاعية منها اثنتان ذات موجة متوسطة، وثلاث ذات موجة استوائية، و11 ذات موجة قصيرة، بحيث تغطي السعودية وعدداً من الدول العربية المجاورة منها اليمن ومصر وسوريا ولبنان والعراق.
وتضمن المشروع إقامة غرفة المراقبة الرئيسية وأجهزة الإرسال في مدينة جدة مع إنشاء استديو آخر في مكة المكرمة بكامل أجهزته لنقل برامج الحج وشعائره من عرفات ومنى.
إذاعة جدة
وفي يوم عرفة من حج عام 1949، بدأ الإرسال الفعلي المستمر لإذاعة جدة، ليعد هذا اليوم بداية انطلاق أول إرسال إذاعي رسمي من مدينة جدة لأول مرة في تاريخ المجتمع السعودي.
تأسيس الإذاعة
عام 1955 أصدر الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله مرسوم ملكي ليكون بمثابة المرسوم التأسيسي للإذاعة، فأصبحت الإذاعة السعودية هيئة مستقلة مرجعها رئيس مجلس الوزراء الذي يتولى ندب أحد الوزراء للإشراف على شؤون الإذاعة.
وبعد عدة سنوات شهدت الإذاعة تحسينات كبيرة خاصة بعد تنفيذ وزارة المواصلات لمشروعات كبرى بهدف تطوير نظام الاتصالات الهاتفية والبرقية. وتعاقد السعودية مع ثلاث شركات ألمانية، لإقامة محطة إرسال في جدة تبلغ قوتها 50 ألف واط.
محطتا الرياض والدمام
استمر البث الإذاعي في السعودية منذ بدايته ولمدة 16 عاماً من استوديوهات جدة فقط، ليتم إنشاء أول محطة إذاعية في الرياض تضم جهازي إرسال على الموجة المتوسطة قوة كل منهما 600 ألف واط، حيث كانت فترات البث في المحطة الجديدة تستمر لمدة 16 ساعة يومياً. وبعد عام واحد، أنشئت محطة إذاعية ثالثة في الدمام تحوي جهاز إرسال قوته 100 ألف واط، كانت تغطي منطقة الخليج العربي كاملة.
توحيد البث الإذاعي
وفي عام 1979 تم توحيد البث الإذاعي من محطتي جدة والرياض تحت اسم "إذاعة المملكة العربية السعودية" من الرياض، وذلك عبر برنامج بث مشترك يرسل لأكثر من 20 ساعة يومياً، إلا أنه تم فصل إذاعة جدة عن إذاعة الرياض عام 1983 ليصبح هناك برنامج عام يبث من إذاعة الرياض وآخر يبث من إذاعة جدة.
ووصل بث الإذاعة السعودية إلى جميع مناطق السعودية والدول العربية المجاورة، وأوروبا، وأميركا الشمالية وشمال إفريقيا على موجات قصيرة ومتوسطة، فيما تبث برامجها عبر الأقمار "FM" وموجات الاصطناعية، التي تمكن المستمع من استقبالها عبر أجهزة التلفزيون الفضائي، إلى جانب الشبكة العالمية "الإنترنت".
الإذاعات الرسمية في السعودية
"إذاعة الرياض – إذاعة جدة - الإذاعة السعودية – إذاعة نداء الإسلام – إذاعة القرآن الكريم - راديو السعودية".
أوائل المذيعات السعوديات
• نجدية الحجيلان
أول صوت نسائي ينطلق عبر أثير الإذاعة مطلع الستينات، حظيت بتشجيع زوجها الراحل عباس غزاوي الذي كان يعمل مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون، ويدربها على الإلقاء ونبرات الصوت، كانت تعرف بـ (سلوى إبراهيم)، وهي شقيقة وزير الإعلام السابق جميل الحجيلان.
وقد عملت في الإذاعة مدة 4 أعوام، قدمت خلالها برنامجي (البيت السعيد) و(صباح الخير)، وهي لم تدرس الإعلام، ولكنها حصلت على دورات في محطة (بي بي سي) والتلفزيون الإيطالي، وتولت مهمة المونتاج للبرامج الأجنبية.
• فاتنة أمين شاكر
انضمت الأكاديمية والإعلامية فاتنة أمين للإذاعة بالتزامن مع انضمام نجدية الحجيلان، وإضافة إلى انضمامها المبكر للإذاعة كانت الدكتورة فاتنة شاكر أول سعودية تعمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بعد نيلها شهادة البكالوريوس من القاهرة عام 1962، واصلت تعليمها إلى أن توجت نجاحاتها بنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي من أميركا عام 1972. وتعتبر الدكتورة فاتنة شاكر من ضمن مؤسسي مجلة "سيدتي"، وهي أول رئيس تحرير لها عام 1980.
• أسماء زعزوع
الشهيرة بـ "ماما أسماء"، هي أول سعودية تقدم برامج الأطفال عبر الإذاعة، وهي زوجة الأديب عزيز ضياء، وانضمت للإذاعة عام 1962 مع زميلتيها نجدية الحجيلان وفاتنة شاكر، ودخلت العمل الإذاعي بعد اكتسابها خبرة في القسم العربي بإذاعة الهند حيث يعمل زوجها مذيعاً ومعداً للبرامج هناك، وظلت (ماما أسماء) على علاقة ببرامج الأطفال حتى العام 1985.
وتم تكريمها عام 2006 في مهرجان الخليج التاسع للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في البحرين.