أحيانا تكون الثياب التي تختارها النساء قوة إضافية تعزز مكانتهن وموقعهن وترسم شخصيتهن في عيون الناس، أي أنها ليست فقط ألوان وخطوط وخامات، بل هي رسالة تبعثها المرأة القوية لمن يحيطها لتقول لهم: هذه أنا وهذا هو أسلوبي في الحياة.
نساء يجمعن بين القوة والأناقة
ومنذ عام 1850 بدأ تطور الثياب في العصر الفيكتوري وظهرت نساء البلاط القويات بثياب غارقة بالتفاصيل والزينات الصارمة من أجل أن يظهرهن قوتهن وسطوتهن، ثم تلتها المرحلة التي كانت فيها المرأة أسيرة ضغوط الكورسيه ( مشد الخصر) الذي يكتم على أنفاسها ويعرقل حركتها، ولكن المصممة الفرنسية "كوكو شانيل" قد دخلت على الخط وقلبت المعادلة وحررت النساء من عبودية الثياب المعقدة وأخذتهن إلى مرحلة جديدة من الحرية والاستقلالية، وعلى مدى حقبة زمنية طويلة تلت الحرب العالمية الأولى ظهرت نساء قويات لهن علامات بارزة في التاريخ المعاصر وكن أيضاً أنيقات وذوات بصمة في عالم الموضة بعد أن نجحن في أن يجمعن بين القوة والسلطة والأناقة .
رسائل وشفرات ملونة
إن القوة لدى المرأة لا تعني الصرامة والابتعاد عن الأنوثة وأن دولاب ثياب النساء ذوات السلطة لا يضم أطقماً داكنة وشاحبة بل إن أغلبهن قد نجحن في المحافظة على أناقتهن وقوتهن في آن واحد وتحولن إلى ظاهرة في عالم الموضة، كما هو الحال مع "نانسي ريغان" و"مارلين ديترش" و"مارغريت تاتشر" المرأة البريطانية الحديدية التي كانت تظهر بإطلالات ناعمة لا تخلو من لمسات اللون الأحمر حتى في أحلك الفترات السياسية التي عصفت بها وهددت حكمها وكانت تريد أن ترسل بهذا اللون رسائل كلها قوة وعزيمة، أما الليدي ديانا فقد ارتدت ثوباً أسود شهير أطلت به في حفل عشاء أقيم في البيت الأبيض في عام 1985 ورقصت به مع النجم جون ترافولتا، وكانت تريد أن تؤكد من خلال هذا الفستان على عنفوانها وشموخها وكبريائها ونتوقف أيضا عند قمصان الدانتيلا التي ارتدتها النساء وهن يشاركن في مظاهرة نظمتها إحدى الحركات التي تنادي بحق التصويت للمرأة البريطانية في القرن التاسع عشر وكن يرسلن رسالة خفية من خلال ثيابهن البيضاء الرقيقة مفادها : "نطالب بحقوقنا دون أن نتخلى عن أنوثتنا"
عندما تكون الثياب درع ووقاية
ويعتقد كثيرون أن الثياب التي ترتديها المرأة القوية وصاحبة السلطة والنفوذ هي بمثابة بيان أو تصريح تلقيه على مسامع الناس دون أن تنبس بكلمة واحدة وهي رسائل وشفرات صامتة ترسلها للآخرين، وفي هذا الصدد يقول (كولن مكدويل) محرر الموضة في صحيفة The Sunday Times البريطانية :" إن هؤلاء النسوة القويات قد اخترن الثياب التي تقول للآخرين من هن وماذا يبغين من هذه الحياة واستخدمن الثياب كأداة مهمة للتعبير عن أنفسهن وجذب انتباه الآخرين، فالموضة ليست عبثاً وطيشاً أو شأناً قليل الأهمية كما يظن البعض، بل هي درع ووقاية يجب أن يستعمل من أجل الرفعة والسمو لا من أجل التستر خلف قناع أو التخفي والمواربة ".